في جلسة إعلامية حميمية احتضنها الديوان الوطني للثقافة والإعلام، أول أمس بين مجموعة من الإعلاميين والممثلة المخرجة آيت علي تونس بقاعة الأطلس، تم خلالها مناقشة عرضها المسرحي «الدهاليز»، وهو عبارة عن منولوج يعالج قضية اجتماعية حساسة يعاني منها مجتمعنا، وهي قضية اضطهاد المرأة. «المنولوج» سبق للسيدة تونس آيت علي أن قامت بعرضه في باريس (فرنسا) باللغة الفرنسية، نظرا لأهمية الموضوع الذي يطرح قضية مازالت تشكل إعاقة اجتماعية عند بعض أسرنا، وهي الزواج الإجباري المفروض من الأباء على البنات. العرض المسرحي الذي تؤديه السيدة تونس آيت علي استعار اسم بطلة القصة من بطلة أخرى في تراثنا العربي، استطاعت بدهائها أن تنقذ النساء من إبادة ملك متسلط ومستهتر ولا يراعي جانب الإنسانية، وهذه البطلة العالمية التراثية هي شهرزاد، والمنولوج إسقاط الماضي على الحاضر، لأن مشكلة المرأة مازالت قائمة من ناحية الإضطهاد. المنولوج يروي في نصه قصة «شهرزاد التي هي فتاة في مقتبل العمر، أحبت شابا وتمنت الزواج منه، إلا أن الذهنيات والتفكير غير السليم الذي بقي راكدا رغم مرور الأزمنة عليه يحول وتحقيق حلم هذه الفتاة بالزواج بمن تحبه، ويتم عقد قرانها برجل يكبرها سنا، إلا أنه استطاع أن يهدم هذا الحاجز بماله ونفوذه الذي أغرى العائلة عامة وأب الفتاة خاصة، ويتم تزويجها به رغم إرادتها والفوارق الثقافية والعمرية بينهما. شهرزاد تقدمها المخرجة والممثلة آيت علي تونس في امرأة جزائرية، والنص الذي كتبه الكاتب محمد زين عبارة عن رسالة إلى المجتمع الجزائري، يتطرق من خلاله إلى أحداث متغلغلة في مجتمعنا، وهي الكنة أو امرأة الابن. يعالج النص عدة موضوعات حول المرأة، يريد أن يخاطب المجتمع الجزائري أن الحب نعمة وليس نقمة، وعيب خصوصا أن قصة حب مأساوية وقعت مؤخرا في مدينة جيجل، كان ضحيتها الحب الذي مازال يراه بعض الأباء عيبا ويمس شرف العائلة، وهذا ما ينفيه الفكر السليم عند الأب الذي في الحقيقة ينبغي أن يبحث عن سعادة ابنته، وينفيه الدين لأنه لم يضع هذه القيود على المرأة، بل كان مرنا وميسرا، يعمل على سعادة الفرد دون تمييز. وترى السيدة تونس أن هذا العرض لا يطرح قضية العادات والتقاليد بقدر ما يطرح قضية الذهنية التي تنظر للمرأة بنظرة النقص في العقل، وأنها لا تستطيع أن تقرر مصيرها بنفسها. كما ترى المخرجة تونس في حديثها مع «المساء»، أن نقوم بدور التوعية وإبطال هذه الذهنية المنغلقة، من خلال ليس فقط العروض المسرحية، بل الشرائح الاجتماعية الفعالة والمثقفة من خلال الجمعيات التي ينبغي لها الغوص في الجزائر العميقة، لأن كثيرا من الفتيات في سن 13 سنة محرومات من الدراسة. كما ترى المخرجة تونس أنه ينبغي بناء شخصية المرأة الجزائرية القوية التي تستطيع أن تكون عضوا فعالا في المجتمع، له ميزته وشخصيته، وهي لا تدعو لمحاربة التقاليد والموروثات الثقافية، إنما تريد أن تأخذ بالمرأة إلى التطور والتمدن في إطار شخصيتها الكاملة دون أن تكون نسخة لغيرها ولا مضطهدة من قبل مجتمعها. المنولوج الذي يروي لنا معاناة فتاة مغلق عليها في دهليز نفسي، تعبر من خلال ما تشعر به من مآسي واضطهاد عن هذه المحنة التي ليست محنتها وحدها، بل تشاركها فيها الكثير من الفتيات والنساء. عنوان المنولوج «الدهاليز» ومدة العرض ساعة، تؤديه تونس في إطار كوميدي اجتماعي. سيكون العرض الشرفي لهذا المنولوج يوم الخميس بقاعة الموقار على الساعة لسادسة، ويوم الجمعة على الساعة الرابعة.