وجد زبائن ”بريد الجزائر” صعوبة كبيرة في سحب رواتهم بعد تعطل معظم الموزعات الآلية في الوقت الذي اكتظت فيه القاعات بالمواطنين بسبب الأعطاب التي تعرفها أجهزة الحاسوب، وطول عملية معاجلة الصكوك البريدية وهو ما خلق جوا من الفوضى والمشادات. من جهتهم، تحجج العمال، وككل مرة، بقدم التجهيزات ورداءة نوعية الأوراق النقدية، مما لم يسمح لهم بتموين الموزعات الآلية، ليبقي مشروع القرن ”التجارة الإلكترونية” رهن الأدراج وبعيد المنال. فقد فضحت الموزعات الآلية المعطلة طوال أيام السنة الخطابات الرنانة للمسوؤلين في مجال تكنولوجيات الاتصال الذين يتباهون بما تحقق من تقدم في مجال الدفع الآلي للأموال منذ سنة 2003 بعد تدعيم المؤسسات المصرفية والمكاتب البريدية عبر التراب الوطني بأكثر من 4 آلاف موزع آلي، ليتم الإعلان مع بداية السنة عن عصرنة الخدمات المالية من خلال السماح باستغلال البطاقات المغناطيسية للدفع والسحب في آن واحد، لكن الواقع أظهر عكس ذلك بسبب الأعطاب المتكررة، من جهة، وتجميد البطاقات التي أصبحت غير صالحة للاستعمال لدى البعض، من جهة أخرى، خاصة ما حدث خلال هذا الشهر الذي شهد تعطل الموزعات الآلية منذ أسبوع. تجولنا أمس، عبر عدد من المكاتب البريدية جعلنا نقف عند تردى خدمات هذه الموزعات التي أصبحت ”مصدر إزعاج” للمواطنين، فكلها متوقفة، البعض يرجع ذلك للعطل والبعض الآخر يرجعه إلى عدم توفر القيمة المالية المطلوبة، وهو ما تزامن مع موعد صرف الرواتب ومنح التقاعد، مما جعل زبائن بريد الجزائر في رحلة البحث عن ”الموزعات” لسحب أموالهم. وبمكتب البريد المركزي كان لنا لقاء مع مواطنين عبروا لنا عن قلقهم من تفاقم مشكلة الموزعات المتوقفة منذ أكثر من ستة أيام دون تدخل المسؤولين لحل الإشكال، وحسب السيد مراد، وهو متقاعد، فإن إشكالية الطوابير اللامتناهية وصعوبة سحب المنحة تحول إلى تقليد شهري له ويقول: ”لقد أصبح تذكر موعد صرف منحة التقاعد هاجسا حقيقيا عندي، فتجدونني أحاول في كل مرة تغيير المكتب البريدي علني أفلح في سحب أموالي، ولا أنكر أنني فكرت في السفر إلى إحدى الولايات الداخلية بعيدا عن الطوابير، لكن الأصدقاء يؤكدون لي أن الصورة هي نفسها أينما ذهبت”. أما الأستاذ الجامعي ”منير” فيؤكد ”أنه عوض الحديث عن التجارة الالكترونية وتعميم خدمات البطاقات المغناطيسية يجب التفكير في حل نهائي للأعطاب المتكررة وتشبع الأنظمة المعلوماتية سواء للبنوك أو بريد الجزائر”، في حين تشير مواطنة أخرى إلى ”أن بريد الجزائر استغل خدمة الربط ما بين كل المكاتب البريدية لاستقطاب عدد كبير من الزبائن، لكن خدماته تبقي جد متدنية فبين الإضرابات المتكررة للعمال وتعطل أجهزة الحاسوب يبقى المواطن هو الضحية”. ويذكر أن مؤسسة بريد الجزائر تتحدث عن إطلاق خدمات ”البنك البريدي” سنة 2014، بما يسمح بتقديم قروض استهلاكية لزبائه مع الرفع من خدمات صندوق التوفير والاحتياط، غير أن الزائر لمكاتب البريد يكتشف أن المشروع صعب المنال في الوقت الراهن بالنظر إلى سوء نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين وذهنية التسيير ومعاناة المؤسسة مع نقص السيولة المالية في كل مرة خاصة في المناسبات والأعياد، مما يعطل مصالح المواطنين. حاولنا التقرب من المسؤولين سواء بالمكاتب البريدية أو مؤسسة بريد الجزائر، لكن مساعينا فشلت بسبب رفض التصريح من طرف القابضين الرئيسيين وعدم رد المدير العام للمؤسسة، السيد محمد العيد محلول، على اتصالاتنا. لتبقى أسباب هذه الأعطال المتكررة مجهولة لا يعرفها سوى مسيري بريد الجزائر.