تعدى الراحل بن قطاف جدران المسرح الجزائري إلى ساحات العرض المغاربية والعربية، حاملا معه معالم المسرح الجزائري الباحث دوما عن التجديد والعبور إلى الآخر لينال حقه رفقة كوكبة من أبناء جيله الصدارة في النجومية وفي النهوض بمسرح عربي حديث مواكب لحركة التغيير وقادر على الالتزام بخصوصيته. بن قطاف بقي وفيا للساحة المسرحية العربية فبعد أن صال وجال بروائعه -خاصة في فترة الثمانينات- العواصم العربية وأحدث فيها ما أحدث، صنّف من الروّاد المجددّين ولا يزال الجمهور العربي في بغداد ودمشق وعمان وغيرها مشدودا إلى هذه الروائع التي عرّت الواقع العربي المتردي وابتكرت لغة مسرحية جديدة ناقلة للوعي ومؤطرة للتراث ومستشرفة للمستقبليات لها وقع الدوي الذي حرك العرب من محيطهم إلى خليجهم. اسم بن قطاف هو أيضا تأشيرة عبور للمشاركة في مختلف المهرجانات العربية وقد كان حضوره حضورا لهذه المهرجانات نفسها، نذكر كيف علقت الصحافة العربية ذات عام في مهرجان دمشق الدولي للمسرح بأنّ بن قطاف أنقذه من ضعف المستوى عندما شارك بمسرحيته ”التمرين” والتي كانت أحسن عرض عربي مشارك. نتذكر أيضا أيام عز المسرح الجزائري ممثلا في بن قطاف الذي أثقلت صدره الميداليات والتشريفات في مختلف المحافل المسرحية العربية خاصة بقرطاج التي هي أهم موعد مسرحي عربي، حيث كرّم الرجل بعد عدة أعمال وهي ”قالوا العرب قالوا” و«الشهداء يعودون هذا الأسبوع” ثم ”العيطة” عن مسرح القلعة.تصدّر بن قطاف أيضا اللقاءات والجلسات والمحاضرات المسرحية، مبرزا ما تحقّق في بلد المقاومة المسرحية، ناهيك عن اعتماده كنموذج حي في العمل المسرحي من خلال الدراسات الأكاديمية العربية. يبقى بن قطاف السهل الممتنع الذي شغل العرب وشرف أهل المغرب العربي الذين كنوه بالفنان المغاربي علما أنّ أبناء هذه المنطقة كانوا أوّل المعزين والمتأثرين لغيابه الذي سينال من المسرح المغاربي خاصة بتونس والمغرب القريبتين مسرحيا وتراثيا من الجزائر.يبقى الراحل -الحي نموذجا لامتداد حركتنا المسرحية نحو العرب بكلّ ما تحمله من إبداع وتوظيف للقيم الفنية المشتركة التي تجاوزت لغة الخطاب إلى لغة الممارسة التي اقترحت على أشقائنا العرب فرجة جديدة قدمها بن قطاف نيابة عن أجيال من رواد مسرحنا الجزائري.