في إطار دورة "أي أمل لأي جزائر"، نظّم "التحالف الوطني الجمهوري"، أوّل أمس بقاعة "محمّد زينات" برياض الفتح، لقاء تحت عنوان "الثقافة :أي آفاق؟" نشّطه الكاتبان مرزاق بقطاش ورشيد بوجدرة والوزير الأسبق عزوز عمار· وأكّد رئيس الحكومة الأسبق السيد رضا مالك في هذه المناسبة أنّه لا مستقبل للسياسة من دون ثقافة التي تعني التاريخ، التراث، اللّغة، الشخصية، الحاضر والمستقبل، وتحدّد كذلك موقعنا في هذا العالم الذي يعيش العولمة، مضيفا أنّ الثقافة هي أيضا إعادة إحياء ايجابيات الماضي وتكييفها مع الحاضر حتى نجيب عن متطلبات الإنسان، وقال رضا مالك أيضا إنّنا نحتاج إلى اتجاه عقلاني في هذا المجال يكون مؤطّرا من قبل الجامعات ويعمل على التخطيط للمضيّ نحو الأمام ومحاربة كل ما ورثناه من سيءّ عن الاستعمار· الكاتب والصحفي مرزاق بقطاش، أكّد من جهته أنّ الساسة مسؤولون بصفة كبيرة عن تدهور واقع الثقافة في الجزائر لأنّهم أصحاب القرار، إضافة إلى عدم وجود خواص يهتمّون بنشر الثقافة، مطالبا بضرورة أن لا يكون الاهتمام فقط بالإقتصاد وبعائدات البترول فحسب بل على السلطات أن تحتضن الثقافة جدّيا· وفي هذا السياق، أضاف الكاتب بقطاش أنّ للجزائر تجربتها الخاصة في الحياة، ومن ثم يجب أن نعمل على تخطّي الخوف نحو المجهول وأن نبدع شيئا ينميّ ثقافتنا ويعطي لها طابعا خاصا بلّغة محدّدة، حتى نضع قدمنا في الحداثة ولا نعتمد أبدا على أي نموذج مهما كان عربيا أو غربيا· بقطاش كان صريحا إلى أبعد الحدود وقال إنّ الساحة السياسية الجزائرية تعيش يوما بيوم وليس باستراتيجية طويلة المدى وهو ما ينعكس سلبا على عدة مجالات من بينها الثقافة، كما انتقد وبشكل واضح أعضاء اتحاد الكتاب الجزائريين الذين لا يهمهم حسبه سوى البحث عن منصب في البرلمان أو في مجلس الأمة وليس خدمة للثقافة وهو دليل على أنّ السياسة اقتحمت كل شيء· وتساءل الكاتب: "كيف وبعد 45 سنة من الاستقلال لم تؤسّس أيّ جائزة أدبية ولم ينجز أيّ فيلم عن الأمير عبد القادر؟"، وأضاف: "كيف تقصى الكتابة وهي التي تعدّ أساس كل عمل أيا كان نوعه فحتى السيمفونية تبدأ بالكتابة"؟· بالمقابل ذكر الكاتب رشيد بوجدرة خلال مداخلته، أنّ الآلام التي عرفتها الجزائر من خلال حقبها التاريخية كوّنت رغم ذلك نوعا من الثقافة، مضيفا أنّ الجميع مسؤول أمام الرداءة التي تعيشها الثقافة الجزائرية، واعتبر بوجدرة أيضا أنّ المدرسة الجزائرية هي الأردأ في العالم وأنّ الإطار الجزائري وخاصة من له علاقة بالثقافة يعاني من عقدة النقص، وتساءل عن عدم تخصيص لقاءات بين المثقفين العرب الذي يشاركون في تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية "والمثقفين الجزائريين، وخلص بوجدرة مداخلته بالقول إنّ الإنسان مجبر على التقدّم، وأنّ الأبواب ليست مسدودة تماما والنوافذ مفتوحة نوعا ما ليبقى الأمل في واقع أفضل للثقافة قائما· من جهته اعتبر الوزير الأسبق السيد عزوز عمار أنّ الثقافة لها أهمية تضاهي أهمية الخبز والهواء فهي ليست من الكماليات مثل ما يعتقده الحكّام، بل بداية ونهاية كلّ مجتمع ورغم ذلك يضيف المتحدث لم تتعد الميزانية المخصّصة لقطاع الثقافة من الميزانية العامة الواحد بالمائة على أفضل تقدير· وأكّد عمار أنّ سنة الجزائر بفرنسا 2003 وتظاهرة "الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007 "، لم تقدّما كل النتائج المرجوة داعيا في السياق نفسه إلى ضرورة أن يكون للجزائر سياسة ثقافية خاصة ترتكز على تشجيع الإبداع وتمدين المواطن وتوفير فضاءات ثقافية وبالأخص تحقيق صناعة ثقافية محكمة· *