تتواصل مأساة مسلمي دولة جمهورية إفريقيا الوسطى الذين يتعرضون لتصفية عرقية وطائفية غير مسبوقة وسط صمت دولي غير مبرر، رغم تواجد القوات الدولية التي أرسلت إلى هناك لاحتواء حرب أهلية مدمرة. وأصبح السكان المسلمون في هذه الدولة المنهكة أمنيا واقتصاديا منذ ربيع العام الماضي أكبر المستهدفين من طرف عناصر مليشيات مسيحية متطرفة أرغمت مئات الآلاف منهم على مغادرة منازلهم وترك كل ما يملكون للنجاة بأنفسهم من موت أكيد. وأصبحت حدود دولة جمهورية إفريقيا الوسطى مع دولتي الكاميرون والتشاد تضم اكبر المحتشدات لمئات آلاف الفارين من جحيم عمليات القتل الممنهجة ويعيشون في ظروف إنسانية كارثية. وكانت آخر حلقة في مسلسل الإبادة التي يتعرض لها مسلمو إفريقيا الوسطى خلو مدينة بوسانوغو التي لجأوا إليها في شمال البلاد قبل أن يعبروا الحدود الدولية مع دولة تشاء فرارا من ملاحقة عناصر مليشيا "انتي بالاكا" المسيحية المتطرفة التي استغلت تساهل القوات الفرنسية تجاهها لتنفيذ عمليات التطهير الطائفي الذي لحق السكان المسلمين. وأكدت مصادر أمنية في هذه المدينة أن المسلمين اقتنعوا أن لا بقاء لهم في بلدهم وان مغادرته باتجاه دولة التشاد يبقى الحل الأخير لإنقاذ حياتهم من خناجر وسيوف عناصر مليشيا انتي بالاكا. وأضافت هذه المصادر أن أكثر من 150 مواطنا مسلما قتلوا على أيدي هذه المليشيات رغم أنهم كانوا متوجهين الى الجارة الشمالية فرارا من شبح الموت الذي يتربص بهم. يذكر أن السكان المسلمين أصبحوا عرضة لمثل هذه الإبادة المسكوت عنها دوليا منذ الإطاحة بنظام "سليكا" المسلمة ربيع العام الماضي وتجريد عناصرها من أسلحتهم وهو ما جعلهم فرائس سهلة لعمليات انتقامية من السكان المسيحيين. وفي ظل انعدام أي مبادرة دولية لحماية السكان المسلمين اكتفت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الأممية بالإشارة إلى تقارير أكدت أن ميليشيات "انتي بالاكا" المسيحية تقوم بمنع المدنيين من مغادرة جمهورية أفريقيا الوسطى إلى دولة الكاميرون ومهاجمتهم على طول الطريق المؤدي إلى هذه الدولة الجارة، مما أرغمهم على البقاء في الأدغال لعدة أشهر، مما تسبب لهم في صدمات أليمة بما يستدعي توفير كل أنواع المساعدات لهم المادية منها وحتى النفسية. وحسب إحصائيات المفوضية، فإن ما يقارب عشرة آلاف شخص يصلون كل أسبوع إلى شرق الكاميرون فرارا من جمهورية إفريقيا الوسطى.