تسعديت أمزيان حرفية في صناعة القش والسلال التقليدية، من ولاية تيزي وزو، تتفنن في ربط أعمدة القش بأساليب بسيطة لابتكار نماذج جديدة، أضفت عليها لمساتها الخاصة، بعدما تمكنت من دمج الحديد والبلاستيك والزجاج، لتنتج قطعا فنية متعددة الاستعمالات، فريدة في جمالها. تعلمت تسعديت حرفتها عن زوجها الذي بدوره توارثها عن أجداده، وهي الصنعة التي اشتهرت بها عائلة أمزيان منذ عشرات السنين، لتجد فيها الحرفية الراحة، واكتشفت من خلالها موهبتها الكبيرة واتخذتها مصدرا لرزقها منذ 14 سنة. اعتدنا رؤية هذا النوع من القطع الفنية التي تختلف بين صينيات من القش وسلال للتسوق وأخرى لحلوى العروس، إلا أن الحرفية تمكنت بفضل خيالها الواسع وإبداعها غير المحدود من دمج هذه المادة بمواد أخرى تجعل من تحفها أكثر متانة لأفضل استغلال، حيث صنعت قنينات من الزجاج المغلف بالقش لتخزين زيت الزيتون، إلى جانب خزائن بالطابع الأصيل، مع إضافة اللمسة التقليدية. وعن مراحل صنعتها، حدثتنا الحرفية قائلة بكل فخر بأن صناعة القش تتطلب الكثير من الصبر والتركيز، وتنطلق أولى المراحل عبر غرس أعمدة القش التي يجب أن تكون في جو رطب، ثم تحصد مرتين في الشهر بعد أن يبلغ طول الغصن الواحد مترين أو أكثر، وهو الطول الذي يسمح للصانع باستغلالها لصناعة السلال والتحف الكبيرة، بعد ذلك يأخذ الحرفي هذا القش ويضعه تحت أشعة الشمس حتى يجف ويتحول لونه إلى بني فاتح، وعندما يريد الفنان صنع قلة أو سلة أو صينية، يغطس هذه الأعمدة الجافة في الماء لمدة ساعة حتى تلين ويسهل طيها واستغلالها، بلفها وربطها.. وعن هذه القطع تقول الحرفية؛ ”إنها متعددة الاستعمالات ونجدها في معظم البيوت الجزائرية، لاسيما في شرق البلاد، أين عرفت اهتماما كبيرا بهذه الصنعة”، وأضافت ”هناك العديد من العائلات بولاية تيزي وزو تهتم بهذه الحرفة وتنقلها الأسر إلى الأجيال الصاعدة، حتى النساء أصبحن يعتنين بها وينشطن فيها بكل حب، ويحاولن الإبداع فيها”، مؤكدة أن هذه الصنعة تمثل مصدر رزق العديد من العائلات بهذه الولاية. وحول إقبال الزبائن على اقتناء هذه المنتجات، توضح الحرفية أن أهم ما يسوق بشكل جيد في ورشتها؛ سلال التسوق التي تقتنيها النساء للتبضع، لاسيما أنها متينة وتتحمل ثقلا كبيرا، لأن قاعدتها مصنوعة من الحديد أو الخشب الصلب لضمان تحملها الأوزان الثقيلة. كما للعروس نصيب من هذه القطع، وهي سلال خاصة بحلوى ”الدراجي” وكذا ”الطبق” الذي تضع فيه مواد التجميل والعطور، في يوم ”فراش” العروس، إلى جانب صينيات خاصة بحناء العروس، وتتوفر على كل المستلزمات الملحقة بها والمزينة بأطراف من القش التقليدي. وتشير الحرفية إلى أن صنعتها تواجه بعض العراقيل، على غرار شبه انعدام المادة الأولية في الوطن، مما يدفعها إلى طلبها من دول أجنبية، لاسيما إسبانيا، أندونيسيا والصين. وبسبب عدم تمكنها من الاتصال بالممون الأول أو بائع الجملة، تصلها هذه المادة بأثمان مرتفعة تبلغ عادة 1200 دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، الأمر الذي يجعل سعر منتجاتها مرتفعا، بالتالي عزوف الزبائن عن اقتنائها.