تحتضن قاعة “سينما الفتح” بوهران في السابع من شهر جوان الجاري، العرض الأول للفيلم الدرامي “ولدي” للمخرج مسري الهواري، والذي يتناول الآثار السلبية لظاهرة الغربة، ويتضمن صورتين، هما عبارة عن قصتين تتناولان موضوع الهجرة. بطل قصة الفيلم مهاجر جزائري عاش بأوروبا، يقرر بعد سن حزم حقائبه والعودة إلى وطنه الأم، لكنه يصطدم بموقف أبنائه الرافضين لهذه العودة، وحجتهم في ذلك عدم قدرتهم على خوض غمار حياة جديدة لا يستطيعون التأقلم معها ولا يستطيعون مجاراة عادات وتقاليد هي من صميم يوميات المجتمع الجزائري المختلف تماما عن المجتمع الذي نشأوا فيه، وهكذا يضطر الأب المسكين للاستسلام للأمر الواقع، ليقبع في ديار الغربة رغماً عنه إلى أن يعود في صندوق النعش جثة هامدة، ليُدفن في تراب وطنه الذي طالما اشتاق له. الصورة الثانية للفيلم بطلها شاب اختار أن يلتحق بأخيه الذي يعيش بفرنسا، ليجرب حظه مع الغربة، غير أن أخاه رفض ذلك ومنعه من أن يمر بنفس التجربة المرة التي عاشها هو قبله، وبالتالي يُرغمه على العودة إلى الجزائر، التي فتحت الكثير من فرص الشغل والحياة الكريمة لأبنائها. وعن فكرة الفيلم يقول المخرج المسري هواري، إنها جاءت نتيجة سنوات طويلة من زيارته لأوروبا ووقوفه شاهدا على العديد من الظواهر الاجتماعية والإنسانية التي خلّفتها الهجرة ليس بالنسبة للجزائريين فقط، بل لكل الجاليات، بما فيها العربية، والذين دفعتهم البطالة والأحلام الوردية إلى محاولة السعي لتحسين ظروفهم المعيشية. كما وجّه مسري دعوة لمشاهدة الفيلم الذي يعتبره رسالة مفتوحة للشباب من أجل توعيته وكسر الصورة النمطية الجاهزة التي يحملها عن الضفة الأخرى، والتي لا علاقة لها بالواقع، بل هي مجرد وهم سرعان ما يتبدد! يخاطب الفيلم شباب قوارب الموت المغامرين بأرواحهم من أجل المجهول أو هؤلاء اللاهثين وراء تأشيرة تضمن لهم العبور إلى العالم الموعود، دون أن تكون لهم أهداف ومشاريع ملموسة وواضحة سوى أنهم “كرهوا المعيشة في البلاد”، هذه العبارة التي سرعان ما تصطدم بالواقع المر، الذي يبدو أحيانا قطعة من جهنم وليست جنة رُسمت في مخيلة هؤلاء السذّج، وهنا تصبح العودة للوطن المخرج الوحيد؛ كيف لا وقد انقشع غمام الوهم الذي سيطر قبل الهجرة. للإشارة، فقد استعرض المخرج بعض المشاكل التي تواجه شباب الغربة، منها البطالة؛ على اعتبارهم لا يملكون بطاقات إقامة، إضافة إلى الرضا بأي عمل ولو بأجر زهيد، فيتحول الحلم إلى كابوس.