غريب أمر الممسوخين فكريا وحضاريا عندنا، ما يزالون ضد اللحى، وبعضهم يتقزز منها، ولكنهم يستلطفونها حين يرونها في وجه " الشيخ نوال" في أوربا، ويتفاعلون معه ويرقصون له وينتظرونه في الجزائر رغم علمهم أنه لن يأتيهم من باريس، فأبناء باريس أولى من أبناء علية القوم في هذه البلاد، ولو كانوا من الأغنياء الجدد أو " البقارة" الذين صاروا يعرفون "بابا نوال"، لذا فإن أراذل القوم في هذه البلاد الذين اغتنوا فجأة حملوا متاعهم وانتقلوا من كل فج عميق هناك إلى عاصمة الجن والشياطين، عسى يتكرم عليهم "الشيخ نوال" بابتسامة، ولكنهم يعجزون عن الاستماع لدروس الوعظ لإمام المسجد الذي أمام بيتهم للاشتباه في لحيته التي هي أقصر من لحية " الشيخ نوال"، ولكن الشيخ نوال في باريس مسموع، الغريب أن " السي نوال" لا يقدم " للبقارة" والأثرياء الجدد هدايا، ولكن هم من يقدمون له الهدايا المهم أن يرضى عنهم ويقبلهم في الحضارة الجديدة ويعمدهم كما يتم تعميد المواليد الجدد في الدين المسيحي ويعلنهم أنهم خرجوا من البداوة إلى الحضارة، ولا غرابة إن صار النصارى قدوة لبعض البشر عندنا، لأن المفاهيم تغيرت وأخلاقنا غابت، و لأن أجرة آخر الشهر هي أقصى ما يهم الأئمة في هذه البلاد، لهذا لم يعد لدينا قدوة، وانتصر " الشيخ نوال" على مشايخنا هنا كلهم، وأكاد أجزم أنه سينتصر حتى على ابن باديس لو كان حيا، لأن الأمور كلها لم تعد متعلقة بالفضيلة والأخلاق، والتعلق بعقيدتنا، ولكن الأمر كله بيع وشراء، وكي تكسب أكثر عليك أن تشبه الآخر ولو كان من ملة " الشيخ نوال".