شرع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمس الأحد، في زيارة رسمية الى ايران تدوم يومين بدعوة من نظيره الرئيس نجاد، وينتظر ان تفتح هذه الجولة آفاق تعميق التعاون بين البلدين، ومناقشة عديد القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها ملف إيران النووي والدور الذي بإمكان الجزائر أن تلعبه في حل هذه الأزمة.وأعلنت رئاسة الجمهورية ان هذه الزيارة التي تأتي ردا على تلك التي قام بها الرئيس الإيراني الى الجزائر شهر أوت 2007 تندرج في اطار "تعزيز التعاون الثنائي والتشاور بين البلدين حول المسائل الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك". وينتظر ان تتوج هذه الزيارة بالتوقيع على اتفاقات جمركية وضريبية. وتوجه الرئيس بوتفليقة امس الى العاصمة الايرانيةطهران قادما اليها من بكين عاصمة الألعاب الاولمبية حيث حضر الى جانب عدة زعماء حفل افتتاح الدورة ال 29 للألعاب. ويعقد الرئيس بوتفليقة خلال تواجده بإيران لقاءات ومحادثات مع كبار المسؤولين هناك، وفضلا عن الرئيس احمدي نجاد سيلتقي رئيس الجمهورية الذي سبق أن زار طهران في أكتوبر 2003 المرشد الأعلى اية الله علي خامنئي ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني. ولن يفوت الجانب الايراني هذه الزيارة لطرح فكرة إنشاء اوبيك للغاز، وهي المتحمسة لمثل هذا التكتل على غرار روسيا، وتسعى الى اقناع الجزائر لتبني الفكرة والانضمام الى المشروع الذي لا يزال في مرحلة الإنضاج والبحث عن منخرطين فيه. وأكد مصدر دبلوماسي في تصريح لوكالة الانباء الجزائرية ان العلاقات بين الجزائروإيران عرفت تطورا معتبرا خلال السنوات الأخيرة، لا سيما على المستوى السياسي، حيث انتقلت من التطبيع إلى "التفاهم المتبادل". وذكر المصدر الذي رفض الكشف عن هويته أن هذه العلاقات الثنائية "شهدت مسار تطبيع بادر ببعثه رئيسا البلدين عام 2000 بنيويورك" على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف أن تولي رئيسا البلدين رئاسة الندوة الدولية حول ترقية الحوار بين الحضارات المنظمة بباريس يوم 5 أفريل 2005 برعاية منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو".. "قد ساهم في توطيد هذا التقارب". وأوضح المصدر أن التوقيع في 5 جانفي 2003 بطهران على مذكرة تفاهم بين وزارتي خارجية البلدين وتكثيف الاتصالات على أعلى مستوى في إطار لقاءات ثنائية أو أحداث دولية "شجع على بعث حوار وتشاور سياسي حول قضايا الساعة الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك مثل الشرق الأوسط والوضع في العراق أو نزاع الصحراء الغربية". وكانت لرئيسي البلدين عدة لقاءات اولها على هامش اشغال الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقد بنيويورك في سبتمبر 2005. ولاحظ المصدر الدبلوماسي أن "مسار المشاورات السياسية منتظم منذ أكثر من سنة من خلال الزيارات التي قام بها ستة مبعوثين خاصين في سنة 2006 من بينهم علي لاريجاني الذي كان يشغل حينئذ منصب الامين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني ومنوشهر متقي وزير الشؤون الخارجية الذي قام في شهر جوان 2007 بزيارة ثانية إلى الجزائر". وكان الهدف من هذه الزيارات يتمثل أساسا في إطلاع الجزائر على مختلف مراحل أزمة الملف النووي الإيراني والتأكد من دعم وتضامن الجزائر وكذا توفير الظروف المثلى لزيارة الرئيس أحمدي نجاد. ويذكر ان التعاون الاقتصادي عرف مؤخرا انتعاشا تمت ترجمته من خلال ارتفاع محسوس لحجم المبادلات التجارية التي انتقلت من 9 ملايين دولار سنة 2006 إلى 25 مليون دولار سنة 2007، ويرتقب ان ترتفع الى 50 مليون دولار. وأوضح المصدر الدبلوماسي انه "إذا كانت المبادلات التجارية الثنائية لا زالت تراوح مكانها ومتواضعة فإنه يتم بذل جهود حاليا من قبل البلدين بهدف إعطاء حركية جديدة للتعاون الثنائي". وللاشارة كذلك فإنه تم في اطار التعاون الثنائي التوقيع مؤخرا على عقد بين شركات جزائرية وإيرانية ينص على إنشاء مصنع للإسمنت بالجزائر باستثمار تقدر قيمته ب 220 مليون أورو وكذا إنتاج وتسويق عربات القطار بين الشركة الجزائرية "فيروفيال" والشركة الإيرانية "فاغون بارس". كما أبرمت شركات إيرانية صفقة للتزويد بخزانات لتخزين المحروقات وإنجاز 220 مسكن بولاية تيبازة وإنجاز برجين سكنيين من 80 مسكن بالعاشور بالجزائر بالشراكة مع مقاول جزائري خاص.