عن الدار العربية للعلوم صدر في عام 2007 كتاب هام بعنوان عمالقة النفط للمؤلفة فاليري مارسيل بالاشتراك مع جون في ميتشل ، وترجمه للعربية حسان البستاني ويقع في 390 صفحة من القطع الكبير ، وهو يبحث في المناطق المنتجة للنفط ، والأكثر أهميةً في العالم ، والتي أُممت صناعة النفط. وحسب هذا الكتاب فقد عُهًد بتسعين في المئة من احتياطيات هذه المادة إلى شركات عامة وشركات النفط الخمس ، التي يتم التركيز عليها في هذا الكتاب تُنتج ربع الكمية العالمية من هذه المادة ، وهي تملك نصف احتياطيات النفط والغاز في العالم فماذا نعرف عن شركات النفط الجبارة هذه؟ ، وهل نفهم طريقة عملها ، وبأي دافعْ تتحرك؟ ، وهل تشدد على السياسة أكثر من تشديدها على الأرباح؟ وتطوير الموارد النفطية الهائلة التي عُهًد بها إليها؟ تقول مؤلفة الكتاب في مقدمته بالرغم من اعتماد الثروات الاقتصادية للدول المستوردة على أداء شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، فإن الغرباء عن هاتَين المنطقتَين لا يعلمون عن هذه الشركات إلا القليل ، وقد أعاقت لشفافيتها معظم التحاليل حتى اليوم ومع ذلك ، وبعد العرض لمشروعي ، دُعيت للقاء مدراء سعودي أرامكو ، وشركة البترول الكويتية KPC وشركة النفط الوطنية الإيرانية NIOC وسوناطراك ، وشركة نفط أبو ظبي الوطنية ADNOC وقد سمحوا بإجراء مقابلات مطوَّلة ، مُظهرين مصلحتهم في مناقشة إنجازاتهم الماضية والتحديات المستقبلية كانت المناقشات آسرة ، وسيروي هذا الكتاب قصص تلك الشركات فمن المعلوم أن هذه الشركات التي أُنشئت لتكوين أدواتْ سياسيّة في الأساس ، ودُعيت شركات نفط وطنيّة ، تواجه متطلّباتْ جديدة ، في ظل تضاؤل الاحتياطيّات النفطيّة ، وتزايد الضغوط الاجتماعيّة وبشكلْ متزايد ، أصبح لزامًا على شركات النفط التي تملكها الدولة ولا سيّما في الشرق الأوسط إحداث توازنْ بين المتطلبات السياسيّة لحكوماتها والحاجة إلى أن تكون تنافسيّة على الصعيد التجاري في هذا الكتاب الذي يفتح آفاقاً جديدة ، تمكّنت فاليري مارسيل من بلوغ سياسيّين ، ومهندسين ، ورجال أعمالْ يتولّون إدارة شركات النفط الشرق أوسطية الخمس التابعة للدولة ، لإلقاء الضوء على أحد قطاعات الصناعة الدوليّة الأكثر تكتّمًا والأكثر قوة وفيه تسرد الكاتبة قصة سعودي أرامكو ، وشركة البترول الكويتيّة ، وشركة النفط الوطنيّة الإيرانيّة ، و سوناطراك، وشركة نفط أبو ظبي الوطنيّة ، ويُنتج عمالقة النفط هؤلاء مجتمعين ربع النفط العالمي ، ويملكون نصف الاحتياطيّات المعروفة ، من النفط والغاز في العالم وتشرح الصلة المعقَّدة بين كل دولة وشركة النفط الوطنيّة التابعة لها ، متتبّعةً تطوّر الشركات منذ الأيام الأولى المُثقَلة سياسيّاً بالامتيازات الأجنبية وحتى عالم اليوم الذي يلعب فيه الرّبح دورًا أساسيًّا لاتخاذ القرارات وبإجراء عددْ كبيرْ من المقابلات المكثَّفة مع مدراء تنفيذيّين في الشركات ، ومدراء ذوي مراتب متوسّطة ، ومسؤولين في وزارات النفط ، تكشف مارسيل عن عددْ من الاتجاهات الجديدة المثيرة للدهشة في إستراتيجيّة شركات النفط الوطنيّة ، وترسم أيضاً صورةً عن ثقافتها التشغيليّة ، عارضةً لحسّها النّامي بالهويّة المؤسساتيّة والكتاب يوضح كيف يوفّر عمالقة النفط قدرةً نادرة ، وفي الوقت المناسب ، على النفاذ إلى كيفيّة قيام الشركات التي تملكها الدول بتحقيق توازنْ جديد بين مهمّتها الوطنيّة ومتطلّباتها الاقتصاديّة وهو يوفّر للمطّلعين دليلاً حول الثقافة الفريدة لهذه الشركات ويُثبت في الوقت نفسه الدور الهام الذي تلعبه لتطوير الرفاه الاقتصادي لبلدانها والمحافظة عليه فمن وجهة نظر الدول المنتجة ، قد تكون شركة نفطْ وطنية تتمتع بأهلية عالية وحسن توجيه أفضل لخصخصة هذه الصناعة بطريقة تحسّن ولوج شركات النفط الأجنبية الموارد الوطنية وشركات النفط الوطنية هي وفقاً للقانون والنظام أكثر استجابةً لمتطلبات المجتمع ومصالح الدولة وفي ظل إدارة مالية أفضل ، يمكنها توفير مداخيل للدولة أكبر مما توفره الشركات الخاصة التي يتوجب على المساهمين فيها الدفع أيضاً في الواقع ، لقد بُلًغَت هذه المرحلة في بعض الحالات بالرغم من افتقارها إلى الكفاءة ، وذلك بسبب الارتفاع الكبير لقيمة الجُعالات والضرائب وإيرادات الأسهم المالية التي تؤديها للدولة وهي قد تخدم أيضًا مصالح السياسة الخارجية للدولة ، من خلال تزويد أسواق معيَّنة بالنفط ، كما تكون أكثر رغبةً من شركات النفط الدولية بإنماء مخزونْ إضافي لتحقيق توازنْ مع أسواق النفط العالمية وعلاوةً على ذلك ، فقد خصّصت عدداً من استثماراتها لخدمة مصالح المجتمع الطويلة الأمد وبرامج تدريب المواطنين ، ورفع مستوى إنتاجية القطاع الخاص المحلي مثالان عن ذلك ، ومع ذلك ، هناك تحد رئيس لضمان حسن التوجيه ضمن شركة النفط الوطنية ، وبينها وبين الدولة ، مما يسمح لها بتطوير أهليتها وخدمة المصالح الوطنية بفعالية لقد شرح الاقتصادي هنري مادلين إيديولوجية الشعور القومي حيال الموارد ، والذي استحوذ على شمال أفريقيا في السبعينيات من القرن العشرين ، معتبراً إياه مُرفقاً بحماسة ثورية موجَّهة نحو إزالة كل آثار التبعية السابقة وهو يتخذ مظهرًا شيوعيًا ليكون أفضل في التعبير عن الحقوق الجماعية للمصالح المتّهَمة بثلاثة عيوب كونها أجنبية ، ورأسمالية ، وخاصة ويبقى هناك تعلق عاطفي عميق لمجتمعات شرق أوسطية عديدة بالسيطرة المطَلقة على الموارد الطبيعية ، كما هي الحال في أميركا اللاتينية أيضاً يُستَنتج من كل ما سبق أن مقاومة المحاولات الأجنبية للسيطرة على النفط هي موقف يلقي في هذه الدول صدىً أكبر من رفع مستوى أداء قطاع الهيدروكربون بالرغم من البيئة الوطنية والدولية المسيَّسة إلى حدًّ كبير حيث يتم إنتاج النفط والاتّجار به ، فإن الضغوط الأكثر إلحاحاً وصلةً بالموضوع التي تتعرض لها شركات النفط الوطنية هي اقتصادية وصناعية أكثر منها سياسية في الواقع ، إن مدراء هذه الشركات لا يتعاطون الشأن السياسي في غالب الأحيان ، وهو أمر مُلفت ، ربما باستثناء إيران فأولوياتهم هي توزيع الموارد على القطاع الصناعي ، وتأمين استقلاليتهم في العمل ، ومواجهة التحديات الاقتصادية الوطنية وبالفعل ، فهذه الشركات منشغلة بتذليل صعوبة تلبية متطلبات المجتمع ، إضافةً إلى تحديات الاستثمار في الصناعة ، بما أنها تعمل في المقام الأول داخل الوطن ، ويعكس مقدمة منطقية قادت خطواتي الأولى في هذا البحث ، فقد وجدت أن السياسة ليست سوى ستارة خلفية لمسرح أعمال شركات النفط الوطنية وقد لفتَت هذه الملاحظة النظر إلى علاقة معقّدة بين هذه الشركات ومجتمعها وحكومتها ، وهذا أمرّ أساسي لفهم شركات النفط الوطنية هناك نقاط اختلاف عديدة بين المجتمع والحكومة وشركة النفط الوطنية من حيث وجهات النظر والمصالح وتحمل الأحداث التي تشهدها صناعة النفط والغاز معنّى سياسياً لمجتمعات الدول المنتجة فوجهات النظر السياسية الشعبية ستصوغ المواقف الأكثر أهميةً من الاستثمارات الأجنبية ، وسيتوقع مواطنو الدول الرئيسة المصدرة للنفط عائدات من عمليات التصدير لتمويل عدد من الخدمات العامة وهذا الضغط الذي يشكّله الرأي العام يميل إلى أن يمارَس على الحكومة دون أن يطال شركة النفط الوطنية إلا بشكل غير مباشَر إن الحكومة هي الفاصل بين المجتمع والشركة ، ويقع على عاتق الحكومة لعب دور تطوير السياسات لتحقيق أهدافْ بعيدة المدى ، ولكنها تتناول على الدوام اهتمامات غير مؤاتية ، وتستجيب لتهديدات قصيرة الأمد يتعرض لها الاستقرار السياسي وقد تؤدي هذه العملية السياسية على أن تكون للدول أهدافّ غير متماسكة على سبيل المثال ، السعي وراء عائدات أكبر من صناعة النفط ، وفي الوقت نفسه ، الطلب من شركة النفط الوطنية تنفيذ برامج اجتماعية تُعيق عملياتها وترفع التكاليف تعتبر هذه الشركات أدوات للدولة ، وهي تساعد الحكومة على إنجاز عددْ من الأهداف السياسية ولكن إداراتها تسعى إلى إدارة الصناعة بحرية ، كإدارة الثروة النفطية للبلاد مثلاً ، دون حدوث تدخلات من قًبَل الحكومة لشل طاقتها الاقتصادية والتقنية وفي هذا الإطار ، هناك صراعّ مؤسساتي متواصل بين الحكومة وشركة النفط الوطنية والكتاب يشرح العلاقة المعقدة بين الدولة والمجتمع وشركة النفط الوطنية ، كما يتتبع التطور الصناعي لهذه الشركات بهدف تحديد اتجاهات جديدة لإستراتيجيته وهويته إن شركات النفط الوطنية تتطور ، ساعية إلى توازن محًّير بين مهامها الوطنية والتجارية ، وبهذا الصدد تقول المؤلفة لا يتمثل هدفي بإهمال شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتركيز على نظرائها في العالم ففي ما يتعلق بالأهمية التاريخية للنفط والتحديات التي تواجه التماسك الصناعي لهذه الشركات ، يمكن سرد تاريخ هذه الشركات جنباً إلى جنب مع تاريخ شركات النفط الوطنية في فنزويلا والمكسيك وماليزيا والبرازيل مثلاً تتشاطر شركات النفط الوطنية في كافة أنحاء العالم اهتماماً مشترَكاً يتعلق بعلاقاتها بالدول التابعة لها ولهذا جاء يركّز الكتاب على الشركات التي تقوم بنشاطات تتناول استخراج النفط ، لأن هذه النشاطات تُنتج المداخيل التي تجعل الشركات هامةً جداً ، بالنسبة إلى الدول التابعة لها ، وذلك مقارنةً مع تلك التي تقوم بأعمال التكرير ، والتي لم تكن مُربحة جداً على مرّ التاريخ إن تكاليف الإنتاج منخفضة جداً لمعظم منتجي النفط في الشرق الأوسط حوالي دولارَين لكل برميل من النفط الخام ، الذي بيع بحوالي 50 دولاراً عام 2005 في الأسواق العالمية من جهة ثانية ، إن التنقيب عن احتياطيات جديدة هو مهمة مُكلفة ومحفوفة بالمخاطر بالرغم من كونها خطوةً أولى ضرورية في مجال إنتاج النفط وأعمال استخراج النفط مرهقة كثيراً على الصعيد السياسي هي ساحة قتال مركزية للتأكيد على قومية الموارد تسعى إلى حماية المنتجات الهيدروكربونية من السيطرة الأجنبية بينما الأمر مختلف تماماً بالنسبة إلى أعمال التكريرالهام سعيد