أثريت المكتبة الجزائرية بصدور كتاب يتناول أحد الموضوعات الهامة التي أقل ما يقال عنها إنها جديدة ودقيقة تفتقر إليها المكتبة الجزائرية.الكتاب صدر باللغة العربية وتناول موضوع الإدارة الثقافية، من تأليف الدكتور مخلوف بوكروح، وقد أوسمه "مدخل إلى إدارة المنظمات الثقافية" وهو لا يخص بالضرورة طلاب وأساتذة المدرسة العليا للإدارة فقط، بل يتعداهما بفتحه نافذة على الحياة الثقافية والاجتماعية والمنظمات والجمعيات الثقافية التي يمكنها الاستناد إليه لتتعمق أكثر في مسألة التسيير والإدارة والتعامل مع المنتج الثقافي كمادة إبداعية واقتصادية. استهل المؤلف كتابه بمقدمة حاول من خلالها تجديد المفهوم الثقافي والنظر إليه بنظرة غير النظرة التقليدية باعتباره تفكير وتصرفات اجتماعية تربط النشاط الاجتماعي والمؤسساتي بالقيم الثقافية للمجتمع، وأن الثقافة ضرورة باعتبارها أحد المواد الأساسية لبناء الهوية وكذلك معنى وجودنا ومكانتنا في العالم بالإضافة إلى تنمية موهبة الفرد وتحقيق ذاته. ويرى المؤلف: "أن البعد الثقافي في سيرورة التنمية وتحفيز القدرات الخلاقة وإنعاش الحياة الثقافية هما البعدان الأساسيان اللذان تمحورت حولهما العشرية العالمية للتنمية الثقافية (1987-1998)"، والشيء الجديد الذي يحاول من خلاله الكاتب تسليط الضوء على الثقافة هو: "أن الثقافة اليوم أصبحت تشكل أحد الأعمدة الأساسية لتنمية الاقتصاديات العصرية، في مجال الإبداع والتشغيل وخلق الثروة". وقد تناول الكاتب المسألة الثقافية من باب التطور الحاصل في العالم من الناحية الإعلامية والتكنولوجية، فهذا التطور يقول المؤلف: "في العقود الأخيرة في مجال تكنولوجيات وسائل الاتصال أعطى مفهوم التنمية، وبخاصة الثقافية منها، دورا كبيرا لهذه الصناعات في مستقبل الأمم، لا يقل عن دور الصناعات المعرفية". ويضيف الكاتب في تعريف الصناعة الثقافية والأهمية التي باتت تحتلها قائلا: "أدى التطور الذي عرفته المنظمات في العقود الأخيرة إلى إدراك أهمية الثقافة كعنصر مميز يسهم في تشكيل هويتها"، أما فيما يخص مبحث الكتاب الذي يراه موضوعا جديدا فيقول: "الإدارة الثقافية هي حديثة العهد، وهي في الأصل فرع تطبيقي لعلم الإدارة... وقد أدى الاهتمام بالإدارة الثقافية إلى العناية بالتكوين حيث أرست مدارس التسيير مدلولات جديدة للبحث الأكاديمي والتدريس". أما الخطة التي انتهجها الباحث في بناء بحثه هذا فقد تمحورت في خمس ركائز أساسية تمّ خلال فصولها تشكيل الكتاب إلى خمسة فصول هي: الإدارة والتخطيط، وتناول فيها، الإدارة الإستراتيجية وأهميتها من ناحية المجال الثقافي الفصل الثاني تم فيه بحث إدارة المشاريع الثقافية من حيث خصوصية وطبيعة المشروع الثقافي. في الفصل الثالث تطرق الكاتب إلى قضية حسّاسة وهي قضية التمويل بوصفه أحد الأعمدة الأساسية التي يستند عليها العمل الثقافي، كما أبرز في هذا الفصل مصادر الدعم المالي والأشكال المختلفة لرعاية الثقافة والفنون، أما في الفصل الرابع فقد تناول فيه مخلوف بوكروح العلاقات العامة ودور وسائل الإعلام في إنجاح المشاريع الثقافية، أما في الفصل الخامس والأخير فقد تناول بالدراسة والبحث قضية التسويق ودراسة تسويق المنتج الثقافي. الكتاب من القطع العادي يتوزع على 142صفحة مثبت بالمصطلحات العربية والفرنسية والإنجليزية، صدر عن مطابع حسناوي في شهر أفريل الماضي، وهو كتاب يسد على الأقل بعض الفراغات التي تعاني منها المكتبة الجزائرية .