ينظم المهرجان الثقافي الافريقي هذه السنة دورته الثانية تحت شعار النهضة الثقافية بعد دورته الأولى التي أحيت سنة 1969 الخروج من الليل الاستعماري القاتم بهدف ترقية الثقافة الافريقية و إثرائها من خلال تعاون قاري مع باقي العالم لا سيما الأفارقة في المهجر. تزودت الدول الافريقية في جانفي 2006 ب"ميثاق النهضة الثقافية الافريقية" الذي يعتبر التعاون الثقافي الافريقي مسألة "أساسية" تبرز من خلال تنظيم المهرجانات و التي يعتبر المهرجان الثقافي الافريقي أهمها على الصعيد الدولي. و تساهم هذه العملية حسب أهداف الميثاق في التفاهم و "الإثراء المتبادل" للثقافات الافريقية فيما بينها من جهة و مع العالم من جهة أخرى "لا سيما" الأفارقة في المهجر كما تهدف إلى ممارسة تأثير أكبر بغية "ترقية و تعزيز الهوية الافريقية لدى كل الأفارقة". و من المنتظر أن يعمل الاتحاد الافريقي على إنشاء "دور افريقيا" على مستوى الدول التي تضم عدد كبير من أعضاء الجالية الافريقية و ذلك لاحداث "يقظة إيجابية" إزاء القارة و آفاقها. و علاوة على هذه الأهداف المسطرة على المدى القصير تعتزم منظمة الاندماج الافريقي إعادة تشييد "الذاكرة و الضمير التاريخي لافريقيا و للأفارقة في المهجر" و الإسهام بطريقتها الخاصة في تشييد الحضارة العالمية. و علاوة على الجانب الثقافي تسعى الدول الافريقية إلى تطوير علاقاتها مع الأفارقة في المهجر من خلال قطاعات عديدة على غرار التربية و العلوم و التكنولوجيا و الاقتصاد خدمة لمصالحهم و لمصالح القارة عموما. و للابتعاد عن الأنماط التقييدية للطابع الافريقي و مخلفات الليل الاستعماري العاتم و العبودية ينص الميثاق على توسيع هذا الرؤية إلى "كافة الخصائص اللسانية و الروحية و المادية الثقافية" التي تشمل الفن و الأدب و أنماط المعيشة و أنظمة القيم و العادات و الاعتقادات".و يعتبر أعضاء الجالية الافريقية أن تأكيد الهوية الافريقية و تنوعها عاملي اندماج و "توازن" ضروريين لمستقبلها تماما كما استطاعت افريقيا في الماضي أن تستمد من ثقافتها "القوى اللازمة لتحريرها". يضع ميثاق نهضة الثقافة الافريقية الذي يوجد قيد التصديق على رأس أولوياته "كرامة" الإنسان الافريقي و "الأسس الشعبية لثقافته" كما يربط حرية التعبير و "الديمقراطية الثقافية" بالديمقراطية الاجتماعية و السياسية. و يلزم الميثاق الدول الافريقية بضمان استفادة كل المواطنين من التربية و الثقافة و ب"تحرير" الابداع الثقافي و احترام "الهويات الوطنية و الاقليمية" و "الحقوق الثقافية للأقليات". و ينص أيضا على تعزيز مكانة العلوم بما في ذلك المعارف التقليدية في حياة الشعوب الافريقية من خلال إدراج استعمال اللغات الافريقية. و اتفقت الدول الافريقية على أن هذا التنوع في الثقافات كعامل إثراء للشعوب و الأمم سيسمح بفضل الدفاع عن الأقليات بالتعبير عن الهويات الثقافية الوطنية و "ترسيخ الحس بالانتاماء الافريقي". و من جهة أخرى يدعو الميثاق إلى إجراء مراجعة "معمقة" للمقاربات الوطنية و الاقليمية في مجال السياسة الثقافية باعتبارها "قوة دافعة للتطور الاجتماعي و الإبداع". و يتعين على الدول توفير محيط محفز للابداع و التنوع الثقافي لا سيما من خلال ضمان حرية التعبير الثقافي و حقوق الانسان من خلال إدراج القيم الثقافية الافريقية و تثمين التراث و ضمان الدعم المالي و التشريعي. كما هي مطالبة بدعم الفاعلين غير المؤسساتيين و تعزيز الطاقات البشرية و المادية و تشجيع المساواة بين الجنسين و إشراك الشباب في هذه السياسات باعتبارهم جوهر الموارد و الابداع المعاصر. أما الصحافة فهي مدعوة إلى المشاركة بشكل أكبر في ترقية الثقافة بالنظر إلى الأواصر الوطيدة التي تجمع بين هذين القطاعين.