" لم أفهم رفض البرلمان تمرير قانون تجريم الاستعمار" كانت مثل الرجل في نضالها ونشاطها، أدت كل أدوار الكفاح في صفوف جيش التحرير بالعاصمة وضواحيها من نقل الأخبار والوثائق إلى حمل السلاح والذخيرة، لقنت السفاحين بيجار وماتسو درسا في الصبر والوفاء للثورة والشهداء رغم تعرضها لكافة أشكال التعذيب الهمجي بالقسم العاشر للمظليين ببارادو بالعاصمة. هي لويزة ايغيل أحريز من مواليد 22 أوت 1936 بالمغرب، لقنها والدها منذ صغرها حب الوطن والنضال من أجل الحرية، وقالت إنّ "المجرمين" لم يكونوا أولئك الذين كانوا يضعون القنابل لاسترجاع كرامتهم، بل أولئك الذين اغتالوا الأبرياء حين وضعوا قنبلة ليلة الفاتح أكتوبر 1956 بشارع تيبيس بالقصبة، وتضيف:"لقد كان والدنا يخبرنا دائما بأننا تحت نير الاستعمار وسيأتي يوم نسترجع فيه حريتنا". اليوم وبعد مرور 48 سنة أو نحو نصف قرن على استرجاع تلك السيادة التي ضحى من أجلها أكثر من ستة ملايين جزائري من 1830 الى 1962 التقت "المواطن" بمقر رمز من رموز الدولة الجزائرية وهي جريدة المجاهد التي نظمت ندوة تاريخية حول الثورة التحريرية بالبطلة المجاهدة لويزة التي ورغم تقدمها في السن إلا أنها لم تبخل علينا بكلمات رنانة في إجاباتها على أسئلتنا التي اقتصرت على مشروع قانون تجريم الاستعمار. حاورها : محمد كيتوس بداية كيف هي صحة مجاهدتنا وبطلتنا لويزة ؟ أقول الحمد لله، خاصة اليوم بعدما عشت استقلالا ثان يوم خرج الجزائريون لاستقبال "الخضرا" يومها عادت بي الذاكرة الى أجواء الاستقلال. بعد مرور 48 سنة على استقلال الجزائر، هل تعتقدين أن رسالة الشهداء قد صينت؟
للأسف لا، فجزائر اليوم ما تزال بعيدة عن آمالنا في 1962 خاصة عندما أطلع على مشاكل الشباب التي لا تنحصر وعندما استيقظ كل صباح على أخبار مفادها أن الجزائريين يتقاتلون فيما بينهم بعدما كانوا بالأمس القريب يتحدون فيما بينهم لإخراج فرنسا من أرضهم وأكثر ما يؤلمني هي تلك الجموع التي تلقي بأرواحها في عرض البحار والمحيطات للهروب من الجزائر والالتحاق بالضفة الأخرى وترك البلاد التي مات من أجل استقلالها الشهداء رحمهم الله. هل من اقتراح لهذه الظاهرة الغريبة؟ في رأيي الحل بكمن في خلق وزارة تتكفل فقط بمشاكل الشباب بمختلف أنواعها والعمل على حلها وإيجاد حلول سريعة مؤقتة أو دائمة فماذا تخسر الدولة لو وضعت جهازا يلجأ إليه الجزائريون لطرح مشاكلهم والعمل على إيجاد حلول لتلك المشاكل التي لن تكون تعجيزية لأن الجزائري بطبعه يرضى بالقليل والحياة الهادئة. يبدوا أنك تحتفظين بصورة سوداوية عن جزائر اليوم؟ لا، لا يجب أن نحصر الجزائر في الجوانب السلبية فاليوم والحمد لله لدينا جامعات، مصانع، كليات تخرج منها مسؤولون كبار ولدينا فضاء لا بأس به من حرية التعبير وعدد كبير من وسائل الإعلام وغيرها من الايجابيات العديدة. لندخل في صلب حديثنا اليوم، كيف عايشت مختلف مراحل مشروع قانون تجريم الاستعمار من 2005 الى يومنا هذا؟ ما أستطيع قوله هو " ما يحس بالجمرة غير اللي كواتو" وأنا بدوري أوجه سؤالا للمسؤولين في هذا البلد العزيز علينا كيف ستواجهون غدا المليون ونصف مليون شهيد وكيف تقابلون أراملهم. كمجاهدة ومنتمية للأسرة الثورية هناك من يتهم الأسرة الثورية بالوقوف في وجه تمرير قانون تجريم الاستعمار؟ أنا كمجاهدة أأكد لك ذلك وأقول لك أن هناك من المجاهدين من يطالب بترك فرنسا وشأنها وأن المطالبة بالاعتذار لن ينقص ولن يزيد من قيمة الثورة بشيء . يبدوا أنك تلمحين لتصريحات المجاهد ياسف سعدي؟ أنا معروفة بصراحتي والدخول دائما في صلب المواضيع فمجاهد ك ياسف سعدي خرج عن السكة أصلا وقال أنه لا يريد اعتذارا من فرنسا بمجرد أن شكره السفاح بيجار في إحدى تصريحاته وأقول إذا كان ياسف لا يرد اعتذار من المجرمة فرنسا فانا أريده، وأطالب بإخراج قانون تجريم الاستعمار الى النور كما أخرجت فرنسا قانون تمجيد ماضيها الاستعماري. وماذا عن تصريحه الأخير أين أكد أن بيجار لم يعذب الجزائريين؟ في الحقيقة الجميع أندهش إلى هذه التصريحات، وأنا شخصيا تلقيت العديد من المبادرات التي تتضمن عدم الدخول في جدال جاف بيننا وتكفل عدد من المؤرخين والمجاهدين بالرد عليه. وحتى بيجار نفسه لم ينكر مسألة التعذيب عندما قال أن التعذيب في الجزائر كان شر لا بد منه؟ أعتقد أن السؤال يجب أن يطرح لأخينا سعدي. كيف استقبلت نبأ وفاة السفاح بيجار؟ بحسرة كبيرة، فقد رحل دون اعتذار ودون أن ينال عقابه، أتمنى أن يصدر قانون تجريم الاستعمار قبل رحيل باقي المجرمين الفرنسيين الذين ارتكبوا حقيقة جرائم ضد الإنسانية. هل من كلمة أخيرة قبل بداية الندوة ؟ إن شاء الله تعتذر فرنسا على جرائمهم كما اعتذرت ايطاليا لليبيا ، وان شاء الله تربح الخضرا.