حملت واشنطن بشدة على موقع ويكيليكس واتهمته بانتهاك القانون الأميركي، وتعريض حياة الكثيرين للخطر، بسبب إصراره على نشر وثائق سرية جديدة حول تقارير وبرقيات دبلوماسية وجهها مبعوثون وسفراء إلى الخارجية الأميركية، من شأنها أن تسبب حرجا كبيرا للولايات المتحدة. فقد ذكرت مصادر إعلامية أن صحف "دير شبيغل" الألمانية و"الغارديان" اللندنية و"نيويورك تايمز" الأميركية ستبدأ وبالتزامن نشر تقارير بشأن الوثائق السرية المزمع نشرها على موقع ويكيليكس، ثم تظهر بعدها بيوم أو يومين روابط مباشرة للوثائق. ويتوقع أن تحوي الوثائق تفاصيل سرية ومحرجة أو اتصالات دبلوماسية بدول أخرى، أو تقديرات شخصية للسفراء الأميركيين عن أعضاء في حكومات تلك الدول. ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى موقع "نيتس بولتيك" قوله إن الموقع الإلكتروني لجريدة دير شبيغل نشر لفترة قصيرة تقريرا يضم تلميحات بخصوص مضمون الوثائق المسربة التي تضم 250 ألف برقية دبلوماسية أرسلها ممثلو الولاياتالمتحدة في جميع أنحاء العالم إلى وزارة الخارجية في واشنطن. وذكر موقع "نيتس بولتيك" أن معظم المستندات أرسلت منذ عام 2004، وهناك وثيقة واحدة فقط يعود تاريخها إلى 1966، دون أن يوضح ما إذا كان نشر التقرير على موقع دير شبيغل كان مقصودا أم خطأ. وفي بريطانيا، ذكرت مصادر إعلامية نقلا عن مسؤولين حكوميين قولهم إن السفير الأميركي في لندن أبلغ الخارجية البريطانية بمضمون الوثائق، تجنبا للحرج المحتمل لكل من واشنطنولندن بشأن تعاونهما الوثيق، لا سيما في الحرب على العراق وأفغانستان. ونقلت مجلة صنداي تايمز عن مسؤول حكومي قوله إن الوثائق قد تتسبب في وقوع ردات فعل بين المسلمين في بريطانيا، بدعوى أن بعض الوثائق المسربة تشير إلى محادثات دبلوماسية بين لندنوواشنطن، يتم من خلالها تصوير لندن وكأنها الأداة الرئيسية "للشيطان الأكبر في محاربة الإسلام". وفي واشنطن، اعتبر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأميركية هارولد كوه في رسالة وجهها السبت إلى مؤسس ومدير موقع ويكيكليس جوليان أسانغ أن قيام الموقع بنشر وثائق سرية جديدة يعد انتهاكا صريحا للقانون الأميركي، مجددا رفض الإدارة الأميركية التفاوض مع الموقع بخصوص هذه القضية. ولفت كوه في رسالته -التي وزعت على العديد من وسائل الإعلام- إلى أن الموقع يمتلك وثائق بطريقة غير شرعية، ولم يحصل على الإذن المناسب لنشرها، وأن الإصرار على نشر تلك الوثائق يعتبر تجاهلا خطيرا للعواقب المحتملة التي قد تعرض حياة الكثيرين للخطر، فضلا عن تهديد العمليات العسكرية، بما فيها العمليات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والتعاون الأمني بين الدول، على حد تعبيره. وكان مسؤولون أميركيون كشفوا يوم الجمعة الماضي أن مؤسس الموقع الأسترالي أسانغ بعث برسالة إلى الخارجية الأميركية، حاول فيها تبديد المخاوف الأميركية حيال التداعيات المحتملة لنشر وثائق سرية جديدة، بما فيها تعريض حياة بعض الأشخاص المذكورين في تلك الوثائق للخطر. وأوضح المسؤولون الأميركيون أن أسانغ طلب من الخارجية الأميركية معلومات تتعلق بالأشخاص الذين قد يتعرضون لخطر ما بسبب نشر الوثائق السرية، لكن المسؤولين لم يفصحوا عما إذا كانت الخارجية قد لبت هذا الطلب أم لا. ومن جهة أخرى، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب جي كراولي أن الوزيرة هيلاري كلينتون أجرت اتصالات هاتفية مع نظرائها في العديد من دول العالم بخصوص مضمون الوثائق السرية التي سيقوم موقع ويكيليكس بنشرها. وقال كراولي إن الوزيرة كلينتون أجرت اتصالات هاتفية مع نظرائها في كل من ألمانيا والسعودية والإمارات وبريطانيا وفرنسا وأفغانستان والصين، لافتا إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين اتصلوا بنظرائهم في عدد من الدول بشأن محتويات الوثائق واحتمال تأثيرها على العلاقات مع الدول المعنية.