أظهرت مشاركة المنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا أن مشكل التحضير النفسي للاعبين يبقى الهاجس الأكبر الذي يكون المتسبب الأول في الخروج من الدور الأول، حيث أن أشبال سعدان وبحكم المشاركة الأولى لهم في مثل هذه المنافسة العالمية كان ينبغي إعدادهم سيكولوجيا للدخول في المباريات دون ضغط وذلك رغم الدروس التي استخلصها الطاقم الفني من المشاركة الأخيرة في كأس إفريقيا بأنغولا، وقد كشفت المباراة الأولى للخضر أمام سلوفينيا هذا العيب الذي اعترف به المدرب الوطني سعدان بنفسه، حيث تلقى المهاجم عبد القادر غزال بطاقة حمراء بعد دقائق من دخوله بديلا، فبالنظر إلى درجة الضغط التي كان يعاني منه باعتباره مطالب بالتسجيل جعلته يتصرف بجنون وبطرق غير رياضية من أجل الوصول إلى الشباك وتحرير الجماهير إذ أنه كان يدرك جيدا أنه في تلك الحال سيمحي كل الآثار السلبية طيلة مشواره المتواضع مع المنتخب الوطني ويصبح النجم الأول دون منازع، وبالتالي فاللوم يقع على الطاقم الفني الذي لم يقم بدوره جيدا من حيث التحضير النفسي للاعبين، كما أن المباراة الثالثة أمام المنتخب الأمريكي التي ودع الخضر بعدها المونديال كشف هي الأخرى نفس الخطأ، حيث لم يستطع اللاعبون التحكم في أعصابهم في الدقائق الأخيرة من المباراة إثر الاحتجاج على الحكم البلجيكي من طرف يبدة وحليش وعنتر يحي مما كلف هذا الأخير الطرد، وبعد نهاية المباراة ارتكب رفيق صايفي خطأ ساذجا عندما اعتدى بالضرب على صحفية أعلنت بدورها تقديم شكوي إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم وجاءت الواقعة في حضور عدد من المنظمين الذين تضامنوا مع الصحفية، كما أن الحارس شاوشي أحدث فوضى داخل المنتخب بسبب استبعاده من التشكيلة الأساسية من طرف سعدان، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الانضباط والصرامة لم يتم تكريسهما كما ينبغي بعد داخل التشكيلة الوطنية وبالتالي فعلى الطاقم الفني الجديد أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار تحسبا للمنافسات القادمة. 270 دقيقة دون إحراز أي هدف.. مشكل تحت المجهر وإذا حاولنا تقييم المشاركة الجزائرية في المونديال، فإنه من الضروري التطرق لأهم الإيجابيات والسلبيات التي تم تسطيرها، فأولى السلبيات طبعا هي الخروج من الدور الأول رغم سهولة المجموعة مقارنة بباقي المنتخبات الإفريقية المشاركة في البطولة، وجاء الخروج بعد احتلال المركز الرابع الأخير برصيد نقطة وفقدت الجزائرثلاث نقاط ثمينة بعد الهزيمة أمام منتخب سلوفينيا بهدف دون رد في بداية المشوار وهي هزيمة ليس لها أدني مبرر، وكانت سببا في تعرض اللاعبين والجهاز الفني لنقد قوي من جانب الصحافة، وثانية السلبيات هي خوضثلاث مباريات دون إحراز هدف واحد، وكشفت المواجهات أمام سلوفينيا وانجلترا والولايات المتحدةالأمريكية النقاب عن وجود أزمة تهديفية لدى الجزائر تتمثل في هداف قادر علي استغلال الفرص وظهر عجز تام للثلاثي رفيق جبور وعبد القادر غزال ورفيق صايفي في ترجمة الفرص إلى أهداف، ولم يكذب رابح سعدان في الاعتراف بأزمة التهديف لديه مع خروج الجزائر من الدور الأول . سعدان اعتمد كثيرا على الخطط الدفاعية وفيما يخص السلبية الثالثة التي ارتبطت بمشوار محاربي الصحراء فهي هندسة المدرب للمباريات خاصة التي كانت الجزائر تحتاج فيها إلى الفوز للتأهل إلى الدور 16 ، حيث أخطأ في اللقاءات الثلاثة باعتماده على خطط دفاعية خاصة في المباراة الأخيرة أمام أمريكا أين كان تحقيق الفوز أمرا ضروريا للتأهل، لكنه استسلم للضغط الأمريكي وتراجع للوراء حيث أن اللاعبون بذلوا مجهودات بدنية جبارة دون فائدة، وقد انتقده الكثير من المدربين والمحللين بخصوص هذه النقطة، خاصة عندما أهمل إشراك رياض بودبوز رغم تألقه في لقاء انجلترا كصانع ألعاب يجيد المناورة في الوسط. اكتشاف نجوم جديدة ستكون ركائز المنتخب الوطني مستقبلا في المقابل كانت هناك إيجابيات لازمت المشاركة الجزائرية في المونديال لها مردود كبير على المستقبل الكروي لمحاربي الصحراء، وأهمها أن المشاركة في المونديال أتاحت الفرصة للقائمين على إدارة الاتحاد الجزائري لفتح ملف المهاجرين وضم عدد لا بأس به من لاعبين يحملون الأصول الجزائرية ولهم جنسيات أوروبية ومنهم من لعب لمنتخبات أوروبية على صعيد الناشئين ولم يكن يفكر في اللعب للجزائر إلا بعد تأهلها إلى المونديال، وشهدت المشاركة العالمية الثالثة لمحاربي الصحراء اكتشاف عناصر مميزة أبرزها حارس المرمى المميز والنجم الأول للجزائر في لقائيه أمام انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية رايس مبولحي والذي كان لتألقه دور البطولة في اقتناص الجزائر لنقطة غالية من تعادل أمام انجلترا والابتعاد عن شبح هزيمة ثقيلة أمام الأمريكان، ويعد مبولحي أهم اكتشاف جزائري في المونديال وهو يلعب محترفا بصفوف صوفيا البلغاري ومن المنتظر انتقاله لناد أفضل بعد أدائه الراقي في المونديال، ويليه في التألق كوجه جديد مهدي لحسن لاعب الوسط المدافع المحترف في رايسنغ سانتاندر الإسباني، وثالث المواهب الجديدة وهو رياض بودبوز صاحب القدم اليسرى المميزة والذي أصبح محبوب الجماهير الجديد كما أنه يعد بمستقبل كبير مع الخضر. المونديال فتح أبواب الأندية الكبيرة لنجوم الخضر ومن الإيجابيات أيضا أن الأداء المميز لأشبال سعدان سواء في الدفاع أوالوسط أتاح لهم الحصول علي فرص للانتقال إلى أندية أوروبية كبيرة، حيث وصلت العديد من النجوم على غرار حليش، يبدة، بلحاج، مطمور وبوقرة عروض مهمة, ومن الإيجابيات أيضا التي اعترف بها المدرب سعدان هي اكتساب لاعبيه خبرات معتبرة من خلال الاحتكاك بالمستوى الراقي والأجواء المونديالية المميزة وهوما من شأنه أن يساعدهم مستقبلا على دخول المنافسات دون ضغط أومركب نقص.