يبدو أن الجهاز التنفيذي قد رضخ أخيرا لجملة المقترحات والبدائل التي كان يرفعها المستثمرون الجزائريون في كل مناسبة للسلطات من أجل العدول أوعلى الأقل مراجعة الآليات التفضيلية التي كانت ترجح الكفة دائما للمتعامل الأجنبي على حساب المحلي. وقد تنفس المتعاملون الاقتصاديون الجزائريون الصعداء بعد سلسلة الإجراءات التي أعلن عنها والتي من شأنها حسبهم أن تحرك دواليب الاستثمار المحلي أكثر بعد سنوات من سيطرة نظيراتها الأجنبية على المشهد الاستثماري في البلاد بفعل التسهيلات الكثيرة التي كانت تمنح لها. وحسب مصادر عليمة مقربة من أوساط رجال الأعمال في البلاد، فان هذه القواعد الجديدة هي دفع جديد لتثمين قدرات الاقتصاد المحلي لمواجهة المنافسة، كما رحب هؤلاء المنضوين تحت لواء "الباترونا" بهذه الآليات التي انتظرها المتعامل المحلي طويلا. ويرى المتتبعون لملفات الاستثمار الأجنبي في البلاد، أن الإجراءات الجديدة المنظمة لسوق الاستثمار في البلاد تأتي في ظرف مميز أي بعد أسابيع قليلة فقط من إعلان الحكومة عن بداية الخطة الخماسية الجديدة التي رصد لها غلافا ماليا قدره 286 مليار دولار، وهي الخطة التي أسالت لعاب العديد من المجموعات الدولية التي كانت تطمح لافتكاك حصص من الصفقات التي من المرتقب إطلاقها خصوصا في القطاعات الإستراتيجية والحيوية على غرار قطاع السكن والمياه والفلاحة والصناعات التحويلية والبنى التحتية والأشغال العمومية. إجمالا، تنص الإجراءات الجديدة المتخذة على أنه بإمكان شركة جزائرية الأصول والرأسمال أن تشارك في المناقصات الخاصة بالمشاريع التنموية إذا تقدمت بعرض يزيد بنسبة 25 في المائة على نظيره المقدم من طرف شركة أجنبية. وكانت النسبة السابقة 15 في المائة فقط. كما تلزم النصوص الجديدة التي ستدخل حيز التطبيق بداية من الأسبوع المقبل بعد التوقيع عليها من طرف مجلس الوزراء، أن يتم طرح العقود الاستثمارية أولا في مناقصة وطنية تتقدم لها الشركات الجزائرية وحدها وفي حال عدم انتقاء المكتتبين المؤهلين للعقد في هذه الحالة يمكن الإعلان عن المشروع في شكل مناقصة دولية تسمح للشركات الأجنبية تقديم عروضها.وكان رئيس الجمهورية قد قال عقب اجتماع مجلس الوزراء الأخير أن الشركات الأجنبية تلعب دورا مهما في الاقتصاد الوطني لكن القواعد الجديدة مطلوبة لمنح الشركات المحلية نصيبا اكبر بهدف تخفيض البطالة ومحاربة الفساد، موضحا أن الكرة حاليا لدى المستثمرين المحليين لكي يغتنموا الفرصة المعروضة من خلال القواعد الجديدة المنظمة للاستثمار المحلي.