تسببت الحرائق التي شبت في عدد من الولايات الداخلية الوسطى والشرقية، مند بداية شهر أوت الجاري، في إتلاف آلاف الهكتارات من القمح والشعير وتضرر مساحات شاسعة أخرى من الأحراش والغطاء الغابي في وقت أعلنت المصالح الولائية الفرعية التابعة للمديرية العامة للغابات ومصالح الحماية المدنية حالة التأهب القصوى لتطويق ألسنة النيران التي التهمت حتى الآن مئات الأطنان من القمح الصلب والشعير. وقد استبعدت مصالح الحماية المدنية التي تنسق عملها، هذه الأيام، مع الوحدات الفرعية التابعة للمديرية العامة للغابات أن تكون موجة النيران التي اندلعت منذ الثاني من شهر أوت الجاري "بفعل فاعل"، مرجعة الأمر إلى درجات الحرارة غير "الاعتيادية" التي تجتاح ومنذ مطلع الشهر العديد من المناطق الداخلية الوسطى والشرقية وبدرجة اقل المناطق الغربية، حيث بلغت درجات الحرارة في ولايات بجاية وقسنطينة وڤالمة وسوق أهراس نهاية الأسبوع الماضي أكثر من 37 درجة مئوية، وهو مستوى غير موسمي في ذات المناطق التي لا تتجاوز درجات الحرارة الفصلية بها في العادة 30 إلى 32 درجة مئوية. وحسب ذات المصالح التي أعلنت حالة التأهب القصوى من أجل تطويق النيران المندلعة، فإن درجات الحرارة العالية تتسبب في العادة في شرارات في الأحراش والغطاء الغابي الكثيف، لكن لم تنف العامل البشري بشكل مطلق، مؤكدة أن بعض الحرائق التي تندلع سببها انساني بحت من جراء اللامبالاة والتعمد في حالات أخرى. القمح والشعير في صدارة المنتجات الفلاحية المتضررة وقد تسببت النيران في إتلاف أكثر من 3 آلاف هكتار من الأراضي المنتجة للقمح والشعير في 4 ولايات شرق البلاد، وأكثر من 1500 هكتار من الأراضي ذات الأشجار المثمرة، إلى جانب تضرر مساحات شاسعة من الغطاء الغابي والذي لم يمض على تجديده ودعمه بفسائل إضافية 3 لشهر فقط. وتبذل المصالح المعنية، ومنذ بداية الشهر الجاري، جهودا جبارة لمنع امتداد ألسنة النيران إلى الأراضي التي لم يشرع فيها بعد في عمليات الحصاد أو جني الثمار، سواء الموسمية منها أو تلك التي بدأت تتفتح على أزهار الثمر تحسبا للجني بعد شهر أو شهرين على أقصى تقدير. ولم يتسن ل "الأمة العربية" معرفة النتائج المتوصل إليها في برنامج الإخماد والأضرار المسجلة بالأرقام، لكن مصادر مطلعة عن الوضع تؤكد أن الخسائر فادحة، خصوصا في منتوجي القمح والشعير. ميزانيات معتبرة سنويا لتمويل مخططات التدخل والإخماد وجدير بالذكر، أن الجزائر تفقد سنويا آلاف الأطنان من مادة القمح جراء الحرائق، وكانت أفدح الخسائر تلك التي سجلت في صائفة 1994 حين التهمت النيران أكثر من 20 ألف هكتار في 10 ولايات وسط وشرق البلاد. وترصد وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ومصالح الجماعات المحلية سنويا، أغلفة مالية معتبرة من اجل تمويل مخططات التدخل ضد الحرائق خلال فصل الصيف، وفعلا تمكنت الجزائر من تحقيق نتائج ايجابية في هذا المجال بالنظر إلى التقنيات المتطورة التي زودت بها مصالح التدخل والمكافحة، مثل تقنيات الرصد عبر "الساتل" وتقنيات المتابعة عبر النظم الجغرافية وتقنيات الإخماد المتطورة جدا، حيث أصبحت تعتمد على غازات ناجعة وذات فعالية في عمليات الإطفاء، مع المحافظة على تقنيات الرش بالماء أرض أرض أو جو أرض.