شارك، أمس، وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، في اللقاء التشاوري الثاني الذي يأتي عشية انعقاد أشغال القمة العربية ال21 التي ستحتضنها العاصمة القطرية انطلاقا من يوم غد. وذكر مدلسي في تصريح صحفي بأن اللقاء هو الثاني من نوعه الذي يعقده وزراء خارجية الاتحاد المغاربي في أقل من ثمان وأربعين ساعة مضيفا "أن الأول كان مفتوحا على جدول أعمال القمة العربية أما الثاني فخصص للتطرق للعمل المغاربي المشترك". وجمع هذا اللقاء بالإضافة إلى وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي كل من وزراء خارجية المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا إلى جانب الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الحبيب بن يحيى. والى ذلك وصف "مدلسي" المباحثات التي أجراها مع نظرائه المغاربة ب"الإيجابية" حيث قال إنه تم التطرق لتحضيرات الاجتماع الرسمي المقبل المحدد بعد ثلاثة أسابيع من الآن بطرابلس بليبيا لتبني ميزانية الاتحاد المغاربي ونقاط أخرى مدرجة في جدول أعمال هذا اللقاء. وبشكل عام، أكد مدلسي في بيان رسمي أن العلاقات العربية العربية وتنقية الأجواء وتحقيق المصالحة إضافة إلى بلورة مواقف عربية مشتركة إزاء مختلف القضايا على ضوء التحديات الخطيرة والمتسارعة التي تواجهها الأمة العربية ستكون على سلم أولويات اهتمام هذه القمة. مشيرا إلى أن أعمال هذه الدورة ستنصب على القضية الفلسطينية بدءا بتقييم الجهود المبذولة لتوحيد الجبهة الفلسطينية ومستجدات الصراع العربي الإسرائيلي على كافة المسارات بما في ذلك ما يتصل بتفعيل مبادرة السلام العربية إلى جانب موضوع الجولان العربي السوري المحتل والتضامن مع لبنان ودعم جمهورية الصومال والتطورات المتصلة بأزمة دارفور. من جانبه قال أمين عام اتحاد المغرب العربي بأن هذه اللقاءات التشاورية هي عربون تنفيذ الإرادة السياسية لقادة الدول المغربية الذين "يؤمنون أنه لا خيار ثان أمام الأزمات المتزايدة من استراتيجية مغاربية منظمة ومنسقة". كما أشار إلى أنه تم التطرق خلال هذا اللقاء للاجتماعات القادمة سواء كانت على المستوى الوزاري أو على مستوى الخبراء وكبار المسؤولين وكذلك للقاء رجال الأعمال المزمع تنظيمه يومي 10 و 11 ماي القادم بالجزائر، مذكّرا بوجود 37 اتفاقية مغاربية، 19 منها ذات طابع اقتصادي واجتماعي. وينتظر أن تشكل مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني عمر حسن البشير نقطة رئيسية في أشغال قمة الدوحة، خاصة وسط إجماع عربي على التضامن مع السودان ووحدته وسيادته على أراضيه. وكان البشير قد وصل، نهار أمس، إلى العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في أشغال القمة وكان في استقباله بمطار الدوحة الدولي أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وتأتي هذه القمة العربية التي تأكدت مشاركة 16 رئيس دولة بها في ظروف إقليمية ودولية استثنائية، تفرض تداعياتها المتواصلة من أجل دفع مشروع المصالحة العربية كمدخل للتأسيس لعمل عربي مشترك، فبالرغم من أن الأمر يتعلق بقمة "عادية" في الدوحة، إلا أن طبيعة الوضع العربي الراهن الذي عانى من حالة انقسامات حادة تجسدت في عقد قمتين عربيتين في أيام قليلة الماضية يجعلها محطة استثنائية في تاريخ جامعة الدول العربية. فبرأي المتتبعين للشأن العربي، فإن قمة الدوحة ستكون مجالا لتتويج المصالحات العربية وإعادة اللحمة للصف العربي التي أعطت انطلاقتها في قمة الكويت الاقتصادية بمبادرة العاهل السعودي، وما تلاها من لقاءات تشاوريا وقمم واجتماعات بين بعض القادة العرب صبت جميعها في اتجاه تجاوز الخلافات وبلورة استراتيجية متكاملة لبناء موقف عربي موحد. يعمل على توجيه رسالة "أمل" للشارع العربي والمجتمع الدولي تجعله يستعيد الثقة في جدوى العمل العربي المشترك والمؤسسات العربية، مفادها أن القرار العربي ممكن أن يكون قرارا مؤثرا.