استفحلت في المدة الأخيرة تجارة ظرفية متعلقة بالاستعدادات الخاصة بيوم عيد الأضحى المبارك، حيث رصدت "الأمة العربية" من خلال الجولة التي قادتها إلى العديد من الأسواق الشعبية في العاصمة وبعض ولايات وسط البلاد، رواج تجارة السكاكين من مختلف الأنواع والأحجام والسواطير والشوايات الكهربائية والعازية، وتلك التي تشتعل بالفحم وكلها صينية وتايلاندية المنشأ وبدرجة أقل فيتنامية التصنيع. وقد كشف لنا العديد من المواطنين الذين سبق أن استخدموا مثل هذه المعدات أنها خطيرة صحيا بالنظر إلى الصدأ الذي يعلوها بعد يوم واحد من استخدامها، وأيضا لأن البلاستيك المستخدم في عملية تصنيعها مسترجع من بقايا مواد مجهولة المصدر، الأمر الذي يسبب لهم مضاعفات صحية خطيرة لاحقا. ككل عيد أضحى المبارك، تستفحل خلال الأيام الأولى من شهر ذي الحجة التجارة المتعلقة بمستلزمات النحر بشكل كبير، من سكاكين وسواطير وشوايات والآلات المتخصصة في عمليات النفخ ومختلف المستلزمات المعدنية الأخرى. وقد قامت "الأمة العربية"، أمس، بجولة عبر مختلف الأسواق الشعبية النظامية والفوضوية في العاصمة والبليدة والرغاية وبودواو بولاية بومرداس، حيث وقفت على الأجواء الشعبية العامة استعدادا لهذه المناسبة الدينية. وقد اكتشفنا رواج مستلزمات النحر بشكل كبير، وهي في الغالب صينية وتايلاندية الصنع، وبدرجة أقل فيتنامية المنشأ تسوق بأسعار جد منخفضة مقارنة بالمستلزمات الفرنسية والإسبانية الصنع ذات الجودة العالية، والتي تحترم شروط النوعية والمعايير البيئية "إيزو". فمثلا، سكين من الحجم الكبير صيني الصنع، نجده بسهر 150 دج، بينما يفوق سعر نطيره الأوروبي الصنع سعر 1000 دج إلى 1500 دج. والشوايات التايلاندية نجدها في سوق الحميز بسعر 1200 دج، في وقت يضاهي سعر الأصلية منها المقاومة لصدأ 4000 دج، وآلات النفخ المقلدة تعرض بسعر 900 دج، بينما بلغ سعر الأصلية منها وتصنع في الغالب في ألمانيا سعر 2500 دج، والمواطن الجزائري لا يتبين في الحقيقة ولا يدقق في الغالب في مشترياته ولا يضبط اختياراته وفقا للنوعية أكثر مما ينظر إلى جيبه. لهذا السبب، راجت هذه التجارة المقلدة بشكل كبير، لكن الأدهى أن هذه المستلزمات الصينية والتايلاندية المنشأ تسبب لمستخدميها المستهلكين مضاعفات صحية خطيرة، مثلما كشف لنا العديد من المواطنين الذين وقعوا عيد الأضحى المبارك العام الماضي ضحية تحايل تجار المنتجات المقلدة. سكاكين وشوايات تصدأ وآلات النفخ لا تشتغل حسب التصريحات التي جمعتها "الأمة العربية" على لسان العديد من المواطنين الذين التقتهم في سوق الحميز شرق العاصمة وسوق بوفاريك بولاية البليدة، فإن المعدات التي قاموا باقتنائها عيد أضحى العام الماضي تسببت لهم في مضاعفات صحية خطيرة بالنظر إلى الصدأ الذي اكتسى الطبقات المعدنية العليا للسكاكين والسواطير بعد يوم واحد فقط من استخدامها، وأيضا الشوايات التي تتآكل قضبانها مباشرة بعد ملامستها النار، وهو حال المجسم البلاستيكي الذي يحيط بالشواية، حيث يبدأ في الذوبان ويتطاير البلاستيك المسال على اللحم المراد إعداده كشواء. وفي هذا الصدد، حدثنا "هشام.ط" وهو رب أسرة متكونة من 4 أبناء يقول "اقتنيت العام الماضي سكينا من الحجم الكبير وساطورا صغيرا بسعر لا يتعدى 300 دج للوحدتين معا، وقد وجدت في البداية صعوبة كبيرة في شحذها، لأن المعدن المصنوع منها يتفتت بسرعة وقد اكتشفت بقعا من الصدأ مباشرة في ثاني أيام العيد، الأمر الذي دفعني للإلقاء بها في سلة القمامة". أما "سعدية.ع"، فقد أكدت أن وزجها اقتنى طاقما كبيرا من مختلف أنواع السكاكين والسواطير مختلفة الحجم والشكل بسعر 800 دج، وقد اكتشفت لاحقا أنها لا تصلح حتى لنحر حمامة، لأنها لا تشحذ بالشكل اللازم، وأيضا انفصال مادة الخشب السفلية عن المعدن مباشرة بعد استخدامها الأول، الأمر الذي جعلني أستغني عنها منذ البداية". أما "سفيان.ح"، فقد أكد أنه اقتنى العام الماضي "شواية" تشتغل بالفحم من الحجم الصغير تحمل قسيمة قصاصة مكتوب عليها "صنع في إسبانيا"، والحقيقة أنها منتوج مقلد مصنوع في تايلاندا، وهي "شواية" لا تحمل أدنى مواصفات المنتجات الأصلية وتتآكل أطرافها بسرعة وتطلق رائحة كربونية نتنة مباشرة بعد عملية الاستخدام". وقال "سفيان" إنه اقتناعها بسعر 4000 دج، أي أنها بيعت له بسعر المنتوج الأصلي، وهي في الحقيقة منتوج مقلد خطير صحيا. لماذا بقيت وزارتا الصحة والتجارة مكتوفتي الأيدي؟ وقد تساءل العديد من المواطنين المتسوقين الذين التقينا بهم في سوق الرغاية وبودواو في ولاية بومرداس، عن سر اتخاذ وزارتي الصحة والتجارة موقف المتفرج حيال تنامي ظاهرة ترويج المنتجات المقلدة وغير المحترمة لشروط التصنيع السليم صحيا وبيئيا؟ وقالوا إن الوضع جدير بأن يحرك الوصاية أكثر لردع تحار المناسبات الذين أغرقوا السوق بمنتجات غير مطابقة. والأكثر، أنها تتهدد الصحة العمومية وتضربها في الصميم. وكانت وزارة التجارة قد أعلنت منذ أسبوعين أنها ستكثف من حملاتها الرقابية، وكذلك قالت وزارة الصحة إنها ستشرع في حملة تحسيسية تستهدف المواطن المستهلك لتبين والتأكد من سلامة مقتنياته، لكن في الواقع نجد أن تصريحات الوزارتين لم تكن سوى خطابات، حسب تعبير العديد من المواطنين الذين التقت بهم "الأمة العربية". وفي هذا الصدد، يتحدث "مراد.ع" قائلا": "في الحقيقة، سيناريو وزارتي التجارة والصحة ألفناه منذ سنوات، حيث تعلن قبيل المناسبات وبخطابات شديدة اللهجة أنها ستقف بالمرصاد ضد كل من تسول له نفسه التلاعب بالصحة العمومية والربح السريع على حساب جيوب المواطنين، لكن الواقع يكذّب مثل هذه التصريحات، والدليل أمام أعيننا نعيشه يوميا لما نكون أمام محلات غاصة ومعبئة بمختلف المنتجات المقلدة تنشط دون ردع ولا متابعات، الأمر الذي حفز هؤلاء التجار للنشاط أكثر". بالمقابل، يقول "طارق.ب" وهو موظف بسيط في شركة عمومية "بلغ السيل الزبا وها نحن اليوم أمام بعبع كبير اسمه التقليد الذي ينخر الأجساد قبل الاقتصاد"، في إشارة منه إلى المستلزمات المقلدة المضرة بالصحة. على صعيد آخر، قال "فريد.ل" إن وزارة التجارة عاجزة حتى عن فرض قانون احترام العمال يومي العيد بالنسبة لفئة الخبازين، مؤكدا أن أكبر عدد من الخبازين الذين ينشطون في بلديتي الرغاية وبودواو بولاية بومرداس سيتعدون للمغادرة وغلق المحلات بداية من يوم الاثنين، أي عشية العيد، الأمر الذي سيطرح مشكلة كبيرة في التموين بهذه المادة الأساسية بدء من يوم الثلاثاء، أي أول أيام العيد إلى غاية يوم السبت المقبل.