انسحب الجيش التونسي صباح أمس السبت، من سليانة مركز الولاية التي تحمل الاسم نفسه وتشهدت منذ الثلاثاء مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين، بينما يتوقع أن تبدأ محادثات في العاصمة التونسية بين الحكومة ونقابيين.وقال شرطي لوكالة الأنباء الفرنسية أن "الجيش اقترح القدوم وضمان الأمن لعدة أيام لكن وزارة الداخلية رفضت"، وكان الجيش انتشر في مركز الولاية الذي يبعد 120 كلم جنوب غرب العاصمة، بعد ساعات من مواجهات بين متظاهرين رشقوا بالحجارة والزجاجات الحارقة عناصر الأمن الذين ردوا عليهم بإطلاق القنابل المسيلة للدموع. وقد أدت الأحداث التي تشهدها محافظة سليانةالتونسية إلى تفجر أزمة سياسية في البلاد، حيث انضمَّ الرئيس إلى جبهة المعارضة لإسقاط حكومة النهضة الإسلامية، فقد دعا الرئيس التونسي منصف المرزوقي في كلمة متلفزة إلى "تشكيل حكومة مصغرة من الكفاءات بعيدًا عن المحاصصة الحزبية". كما طالب المرزوقي "بالتسريع بإنجاز الانتخابات، وذلك قبل الصيف القادم"، بما يسمح بتركيز "مؤسسات مستقرة للدولة" على حد قوله. وجاءت تصريحات الرئيس، على خلفية تفاعل الاحتجاجات، التي تشهدها منذ أسبوع محافظة سليانة غرب تونس، والتي سقط فيها أكثر من 200 جريح، منهم أكثر من 20 إصابة اعتبرت خطيرة، بسبب "الاستعمال المفرط للقوة من قبل قوات الأمن". وفي تعليقه على كلمة الرئيس المرزوقي، قال المحلل السياسي منذر ثابت: إن تصريحات الرئيس تأتي ضمن سلسلة من التصريحات السابقة، والتي يحاول فيها النأي بنفسه عن حركة النهضة، وهي في الغالب تصريحات تندرج ضمن حملة انتخابية رئاسية سابقة لأوانها، أكثر منها مقترحات لتفعيل الحراك السياسي باتجاه تكريس الحوار والوفاق. في المقابل، أكد محمد القوماني الناطق باسم "التحالف الديمقراطي" أن "الرئيس المرزوقي لا يملك وفق القانون الحالي المنظم للسلطات أحقية حل الحكومة أو تشكيل حكومة بديلة لها، وهي سلطات بيد رئيس الحكومة، ومن هنا فإن المرزوقي لا يملك أية صفة ولا يملك أيضًا سلطة القرار، كما أنه عودنا في مناسبات عديدة على الدعوة إلى مبادرات لا تستند إلى أية سلطة، فهو رئيس يكاد يكون منزوع السلطات". وفي ذات السياق، أشار القوماني إلى أن "اقتراح تنظيم انتخابات قبل الصيف القادم، هو مقترح غير واقعي، وهناك إجماع في تونس بين كل الأحزاب، على أن التحضير للانتخابات يحتاج سنة كاملة، فهي مشروطة بالانتهاء من صياغة الدستور، وإعداد القانون الانتخابي، وتكوين الهيئة المستقلة التي ستشرف على الانتخابات، وهذا ما يجعل مقترح الرئيس غير واقعي، وهنا يبرز سؤال هو: هل استشار المرزوقي شركاءه في الحكم وخاصة النهضة التي تترأس الحكومة قبل الإعلان عما جاء في كلمته؟". من جهته صرح رئيس وزراء تونس حمادي الجبالي الخميس بأنه لن يستقيل بسبب الاحتجاجات العنيفة التي فجرتها المشكلات الاقتصادية هذا الأسبوع، واتهم أحزاب المعارضة ببث الفوضى. وأصيب 200 شخص على الأقل عندما اشتبك تونسيون عاطلون مع الشرطة يومي الثلاثاء والأربعاء في مدينة سليانة التي تشكو منذ فترة طويلة من الحرمان الاقتصادي. وقال الجبالي في مؤتمر صحافي: إنه في النظم الديمقراطية لا يتم إسقاط الحكومات وإنه لن يستقيل أو يحل الحكومة وإنما البرلمان هو الذي يملك هذه السلطة. وأضاف أنهم يعرفون من يقف خلف هذه الأحداث، مشيرًا إلى أنها أحزاب المعارضة. جدير بالذكر أن سكان ولاية سليانة المهمشة تنمويا يطالبون بعزل الوالي المحسوب على حركة النهضة الإسلامية، وبالتنمية الاقتصادية والإفراج عن 14 شابا اعتقلوا يوم 26 أفريل 2011 في أعمال عنف بالمنطقة ومازالوا دون محاكمة حتى الآن بحسب عائلاتهم.وتظاهر الجمعة أكثر من عشرة آلاف من سكان الولاية للتعبير عن تمسكهم بتحقيق هذه المطالب.ويتوقع أن تنظم تجمعات جديدة في بعيد ظهر اليوم في سليانة.من جهة أخرى، أعلنت الحكومة التونسية في بيان أن محادثات ستجري السبت للتفاوض حول مخرج للازمة.