أنهت، أمس، لجنة التحقيق المكونة من ثلاثة ضباط في قيادة الناحية الجهوية الخامسة للدرك الوطني بقسنطينة، عملها بالطارف وأعدت تقريرا مفصلا حول مدى احترام شركة "كوجال" اليابانية لمعايير استعمال المتفجرات في المواقع الصخرية الوعرة بمشروع إنجاز الطريق السيار "شرق غرب" في محوره الممتد من ولاية برج بوعريرج إلى حدود الجمهورية التونسية. وقالت مصادر أمنية تتابع عن كثب تطورات الوضع "المتسم بالهدوء الحذر" في الضاحية الغربية لولاية الطارف، بعد حادثة مقتل الطالبة الجامعية "وناس فاطمة الزهراء" بحر الأسبوع الجاري بمنطقة زريزر والتي شيع جثمانها وسط حضور جنائزي مهيب، إن ضباط الدرك الوطني استجوبوا الفرق التقنية التابعة لمؤسسة "كوجال" حول مدى احترامهم للشروط والاحترازات الأمنية والوقائية أثناء استعمال مادة "الديناميت" في عمليات تفجير الكتل الصخرية لغرض إنجاز ما تبقى من أشطر الطريق السيار. وزار فريق المحققين عديد المواقع التي كانت ولا تزال موضعا لاستعمال المتفجرات لمعاينة الأخطار المترتبة عن ذلك، وتقول المصادر إن تقرير موفدي القيادة الجهوية للدرك الوطني بقسنطينة، سجلوا عديد التحفظات عن "سلبيات استعمال المتفجرات بالمناطق القريبة من التجمعات السكانية"، حيث بلغت مسامع الفريق الأمني المذكور أن المصالح الاستشفائية المحلية تعكف على "معالجة آثار جانبية لمواطنين اشتكوا من تعرضهم لصدمات نفسية وانهيارات عصبية" جراء عمليات التفجير التي تطال مواقع جبلية استعصى على جرافات اليابانيين بلوغها بسبب وعورتها. ولا يزال الوضع العام في الطارف مشحونا بالغضب الشعبي منذ حادثة الاثنين الأخير، مع تدفق هائل لقوات مكافحة الشغب ووحدات التدخل السريع بشكل وضع المنطقة بالكامل تحت "الحصار الأمني" تحسبا لأي طارئ من شأنه أن يؤزم الأوضاع التي شهدت انفلاتا غير مسبوق بعد مقتل فاطمة الزهراء بحجر متطاير من شظايا تفجير إحدى الواقع الصخرية القريبة من حي "الشعبة الحمراء" ببلدية زريزر. وأوردت مصادر أمنية مطلعة، أن قيادة الدرك الوطني أبلغت وحداتها المحلية بضرورة تتبع تطورات الأوضاع عن كثب دون الدخول في مواجهات مع المدنيين تفاديا لانفلات الأمور، وهو ما يؤكده عدم إقدام السلطات الأمنية على توقيف أيا من المحتجين. ويبقى الثابت في كل ما حدث هو أن السلطات المحلية وممثلي الشعب في المجالس المنتخبة لم يكلفوا أنفسهم عناء النزول إلى الميدان والوقوف على حقائق الوضع الذي عرف انفلاتا خطيرا، بعد إقدام حشود المحتجين على حرق مؤسسات إدارية وتحطيم ممتلكات عمومية. وبدا واضحا أن الهيئة التنفيذية استغلت غياب الوالي حسان كانون المتواجد في الأراضي التونسية لقضاء إجازته السنوية. فيما أكدت هيئة المنتخبين المحليين ونواب البرلمان للمرة الألف، أنهم غير معنيين إطلاقا بقضايا وانشغالات مواطنيهم. إلى ذلك، أبلغت السفارة اليابانية في الجزائر، السلطات العمومية ب "قلقها إزاء تزايد الاعتداءات على رعاياها الذين يشتغلون بقطاعات البناء والأشغال العمومية على وجه التحديد"، حيث سبق وأن أحبطت مصالح الأمن الوطني، قبل نحو أربعة أشهر، مخطط تفجير "معسكر كوجال" بمنطقة كبودة في بلدية سيدي قاسي بالطارف من طرف جماعة إرهابية تابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وأوضحت المصادر التي أوردت الخبر ، أن الممثلية الدبلوماسية لليابان أبدت تخوفها كذلك من " أعمال انتقامية أخرى ضد العمال الأجانب في ورشات شركة "كوجال"، كما حدث بحر الأسبوع الجاري حين اقتحم مواطنو زريزر إحدى الورشات وأضرموا النار في الآليات والجرافات التي تواجدت بالمكان. ولذلك، طلبت سفارة طوكيو من السلطات الجزائرية بتعزيز الإجراءات والتغطية الأمنية لضمان أمن وسلامة العمال الأجانب المنتسبين إلى كوجال"، وتكون هذه الأخيرة هي التي رفعت درجة الخوف من تجدد أعمال عنف ضد مصالحها، ولذا التمست من ممثليتها الدبلوماسية التدخل لدى السلطات الجزائرية لمضاعفة الاحترازات الأمنية.