كشفت مصادر إعلامية أن الجزائر قامت، نهاية الأسبوع الماضي، بطرح مناقصة استيراد لتموين السوق الوطني بما يزيد عن 300 ألف طن من القمح، على أن تسلم بين ماي وجوان المقبلين، وتؤمّن هذه الصفقة 5 بالمئة من احتياجات السوق الجزائري من الحبوب التي تقارب 6 ملايين طن. ويأتي طرح هذه المناقصة في وقت تعرف فيه أسواق القمح العالمية تراجعا في نشاطها، لاسيما سوق الحبوب الأوروبية "أورو نكست" Euronext. وفيما يرجع بعض المتعاملين في السوق، هذا التراجع إلى آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على مختلف الأسواق، فإن بعض الخبراء الاقتصاديين يعتبرون أن تقلّص استهلاك اللحوم عبر العالم، قد يؤثر على مستوى الطلب على الحبوب. غير أنه ورغم هذه التحليلات، فإن الطلب على هذه المادة الأساسية يبقى مرتفعا، باعتباره أحد الأسواق التي "لا تهزم" ، بالنظر لوجود مجموعة من كبار المستوردين الدوليين تعرض حجم طلبيات هائل، حيث عرف الأسبوع الأخير شراء سوريا لأكثر من 200 ألف طن، ومصر ل240 ألف طن، لتأتي المناقصة الجزائرية لشراء 300 ألف طن. وإذا كان الروس قد تمكّنوا من إقناع المصريين والسوريين باقتناء القمح الروسي، بفضل أسعار تنافسية أقل ب15 إلى 25 دولار عن العرض الأمريكي والأوروبي، فإن أحد كبار المتعاملين في السوق الفرنسي كشف، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، أن "فرنسا عازمة على فرض نفسها على الجزائر في هذه المناقصة"، مؤكدا أن "القرب الجغرافي، والعقود السابقة بين البلدين ستكون عوامل تساعد على الظفر بهذه الصفقة". غير أن نفس المتحدث أوضح أن "تأمين 300 ألف طن من القمح بكليتها أمر غير أكيد، لأن الجزائريين يناقشون الأسعار بشراسة". وتبلغ أسعار الحبوب الفرنسية في عقود التسليم لجوان القادم، حوالي 130 أورو للقمح، و125 أورو للذرى، و105 أورو للشعير. وتأتي هذه المناقصة في سياق الجهود الحكومية لتقليص حجم الواردات الذي بلغ العام المنصرم رقما قياسيا فاق 39 مليار دولار، وتشكّل المواد الغذائية ما يقارب خُمس هذا الرقم. وقاربت فاتورة الحبوب في العام المنصرم 3968 مليون دولار، بارتفاع أكثر من 100 بالمئة عن عام 2007، وهو الأمر الذي دفع بالحكومة إلى الشروع في تطبيق إجراءات تهدف لتقليص الفاتورة الغذائية، وعلى رأسها تدعيم الإنتاج المحلي للحبوب، الذي لم يلب العام المنصرم سوى ثلث الحاجيات الوطنية، والتشديد على عامل السعر في المناقصات الدولية، وهو الأمر الذي بدا واضحا في المناقصة الأخيرة.