وصف رفيق بن مسعود، القنصل التونسي بالجزائر (عنابة)، السوق السياحية في العالم بالشرسة، لأنها وصلت درجة المساس بشرف الدول وحكومتاها وفاعليها الاقتصاديين أمام شبح الأزمة المالية العالمية التي أصبحت تشكل خطرا على هذه الحكومات والدول وتهدد قطاعاتها المفتوحة وعلى رأسها القطاع السياحي. في الندوة الصحفية التي عقدها، يوم الجمعة من نهاية الأسبوع، بنزل سيرتا الكبير، قدم القنصل التونسي بالجزائر تقريرا مفصلا عن النتائج التي حققها قطاع السياحة في تونس، خلال الموسم السياحي الماضي، حيث استقبلت تونس ما يزيد عن 07 مليون سائح بنسبة 4.2 بالمائة مقارنة مع السنة التي سبقتها والتي سجلت 06 مليون و 761 ألف زائر، وزيادة 38 مليون ليلة مقضاة بنسبة 8.2 بالمئة، وتحقيق نسبة مثل هذه يعني أن السوق السياحية التونسية تعرف رواجا كبيرا على كل المستويات تجعلها بعيدة عن الأزمة أو ما سماه بضبابية السوق الأوروبية، ليكشف المتحدث في سياق الحديث عن الخطة التي وضعها الديوان السياحي التونسي للموسم السياحي الجديد 2009، وقد بنيت على ثلاثة محاور أساسية، أولها الاعتماد على دعم الترويج للمنتوج السياحي التونسي وتعزيز النقل الجوي الدولي، كذلك تكثيف الخطوط الداخلية بين تونسطبرقة، كما يتمثل المحور الرابع في مواصلة التأهيل وهو برنامج قديم -أضاف المتحدث- لكنه يأخذ منحى إضافيا في الموسم السياحي الجديد يرتكز بالدرجة الأولى على الجانب اللامادي والجودة طبقا للمواصفات العالمية خاصة في مجال الخدمات الفندقية. وسيطال هذا العنصر الهام -حسب المتحدث- حوالي 200 مؤسسة سياحية و 90 ألف سرير أي ثلث (1 /3) الطاقة التي تمثلها تونس في الأسرّة، تضاعف إلى 732 سرير الموجودة في الوقت الحالي، وأكد لنا القنصل التونسي بالجزائر أن ما وصلت إليه تونس في هذا المجال يعود إلى اهتمامها بالعنصر البشري كطاقة حيوية وذلك بتكوين الإطارات السياحية، كاشفا عن تخرج 2500 إطار في قطاع السياحة لسنة 2009 من ضمن 5000 إطار يزاولون تكوينهم، وهي اليوم تعيش اكتفاء ذاتيا في مجال الموارد البشرية واليد العاملة وبالتالي فهي تستغني عن اليد العاملة الأجنبية لأن لها طاقة بشرية بإمكانها تصديرها خارج الوطن. جاءت هذه الندوة في إطار التظاهرة الأسبوعية السياحية التونسية، التي تعقد بولاية قسنطينة، وهي حسب مدير الديوان السياحي التونسي تهدف إلى التعرف على المنتوج السياحي التونسي والترويج له، كذلك التقرب من وكالات الأسفار الجزائرية والمهنيين والفاعلين في مجال السياحة في إطار اتفاقيات يبرمها الديوان مع الوكالات وتدعيم البيوعات السياحية على السوق التونسي، ويعتبر قطاع السياحة في تونس -حسب القنصل العام لتونس- قطاعا استراتيجيا يعتمد على عدد من المفاهيم والمخططات لا سيما وهو يوفر أكثر من 380 ألف موطن شغل مباشر و 06 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، 02٪ من جملة الاستثمارات بالإضافة إلى ما حققته من مداخيل بالعملة الصعبة تصل حد 20٪، الأمر الذي يجعل هذا القطاع موضع اهتمام من قبل الحكومة التونسية حتى يكون في مستوى التطلعات على المستويين الداخلي والخارجي. وبالمناسبة، تطرق الرجل الأول في القنصلية التونسية بالجزائر إلى التعاملات التي تربط الديوان ووكالات الأسفار والفاعلين في مجال السياحة والدور الذي يقوم به الديوان السياحي التونسي في تقليص نسبة الإشكالات التي تحدث بين الحين والآخر دون تدخل الجهات الرسمية، ليشير في هذا الإطار إلى العقود التي تبرم خارج الأطر القانونية والتي تكون -كما كشف المتحدث- بواسطة الهاتف، لأن القطاع كما قال ليس قطاعا سائبا ولا ينشط لحساب شخص معين، بل وراءه حكومة ودولة تسيره. في حين، طمأن القنصل التونسي بالجزائر السياح عامة والجزائريين على الخصوص بأنهم في مأمن من كل التجاوزات التي يمكن حدوثها على غرار الإخوة المغاربة. ولم يستثن القنصل التونسي بالجزائر الحديث عن الأزمة المالية العالمية وما هي القطاعات الأكثر تضررا والتي يكون لها تأثير مباشر على هذه الأزمة، ويأتي قطاع السياحة في الواجهة -حسب المتحدث- باعتباره القطاع المفتوح على الخارج، وقال رفيق بن مسعود إن الأزمة المالية تؤثر على الدول التي هي في الواجهة، لكن هذا لا يعني أن بعضها ليس في منأى عن هذه الأزمة. وقد وضعت الحكومة التونسية في سياستها السياحية خطة واستراتيجية للتهيؤ لما هو آت أو ما قد يحصل. وتأتي السياسة التي وضعتها الحكومة التونسية خاصة في المجال السياحي كون السوق السياحية تعتبر من أشرس الأسواق في العالم، وقد تصل -كما قال المتحدث- إلى درجة المساس بشرف الدولة وحكومتها وفاعليها الإقتصاديين.