"الوطني" تسلط الضوء على الوضعية الكارثية تنفرد بلدية مغنية عن باقي بلديات ولاية تلمسان، أمام هذه الظاهرة البيئية والمتمثلة في الأماكن المكدسة بالقمامة على مدار اليوم والسنة أينما وليت وجهك، فبالرغم من تحديد الهيئة المعنية بالنظافة إستراتيجية لجمع، القمامات المنزلية، إلا أن البرنامج الحالي أثبت فشله، ولا أصدق دليلا على ذلك من المنظر الذي نشاهده كل يوم والروائح الكريهة المنبعثة من هذه القاذورات، ممّا جعل اليوم مغنية تبكي حظّها وبهائها الذي غادرها من سنوات، بعدما غزتها أطنان من الأوساخ ترمى يوميا عبر شوارعها وأزقتها صانعة بذلك ديكورا يكسو جدرانها بسبب ما خلفته من ألوان باهته عليها..أناس يعتقدون أو يقال عنهم أنهم متحضرين يقومون برمي نفاياتهم من أعلى الشرفات، وهو أمر أصبح وبدون مبالغة يدق ناقوس الخطر، فكم من شخص صادفته مثل هذه الظواهر فتعرض لإصابة لا لسبب سوى لأنه قد مر تحت شرفة قاطنيها، وأصبح أمرا عاديا عندما نشاهد تلك النفايات مرمية بجانب العمارات وأمام البيوت، التي أضحت محاصرة بالقمامات بسبب الإهمال واللامبالاة وعدم احترام الأماكن المخصصة لذلك، منها الحي السكني لالة مغنية، والمفرغات الفوضوية التي تحاصر العديد من الأحياء والتجمعات السكنية بالمدينة. ومحاولة منا لتشخيص الآفة التي ظلت وباء منتشرا في كل أحياء المدينة ولتقريب وجهات النظر بين المواطن وعون مصلحة النظافة، كشفت إدارة هذه الأخيرة عن المشاكل العويصة الذي يتخبط فيها عمال مصلحة النظافة لاسيما منها سوء حال الظروف المهنية مقابل أجر زهيد لا يسد رمق الموظفين، فضلا على عدم توفر وسائل وقائية ضد الأمراض الناجمة على الأوبئة فهم بذلك عرضة للإصابة بأمراض خطيرة قد تفتك بصحتهم، إضافة إلى ضعف أجرته الشهرية، حيث أن الأجر القاعدي لعامل النظافة لايتجاوز 9000 دج ويصل مع العلاوات إلى 12000 دينار مما لايلبي احتياجات العامل الاجتماعية، كما أن مغنية تسجل عاملا واحدا للنظافة لكل 1000 ساكن وشاحنة واحدة لكل 20 حي، أي ما يعادل 35 ألف ساكن في حين لا يتم تجميع سوى 20 بالمائة من النفايات الصلبة على مستوى البلدية، حيث سجل يوميا ما مقداره 80 بالمائة تكدس وأحيانا نجدها في الطرقات بصورة عشوائية، ومن أهم هذه المشاكل أيضا قدم العتاد وقلته، فالشاحنات عندنا غير كافية لذلك مقارنة مع الأحياء والتجمعات السكنية الموجودة، لتضطر المصالح الاستعانة بجرارات لتدعيم هذه الشاحنات بغرض تجميع القمامة، ناهيك عن غياب المزابل المراقبة والتي يتم فيها مراقبة القاذورات ومعالجتها قصد التقليل من ضرر التعفن وتلوث المحيط، فالمزابل المتوفرة في مغنية كلها مزابل عشوائية لم يتم إجراء دراسة مسبقة قبل إنشائها، لذا تعدت المشاكل المنجرة عنها بدءا بتلوث الجو والروائح الكريهة المنبعثة من هذه المزابل، إضافة إلى الأمراض التي قد تنتشر بين سكان المناطق المجاورة لهذه المزابل العشوائية. في ذات السياق يشتكي العديد من سكان أحياء بلدية مغنية من ظاهرة تفشت في وسط السكان تتمثل في لجوئهم إلى حرق القمامة والتخلص من الأوساخ وما تخلفه من أضرار وتشويه للمنظر الجمالي لتلك المناطق، من الأدخنة المتصاعدة جراء اشتعال النيران في النفايات، حيث تصل الأدخنة إلى منازلهم، مسببة أمراضا للأطفال وكبار السن، وقد رصدت "الوطني" في مواقع عديدة من المدينة انتشارا رهيبا للنفايات على جانبي الطرقات و بالمحاذاة من العمارات ناهيك عن أعداد من السكان يضرمون النار في أكوام من النفايات والأكياس البلاستيكية، حيث تصاعدت الأدخنة بكثافة عالية في تلك المناطق، وسرعان ما انتشرت بفعل الرياح إلى أماكن أبعد من ذلك. الأكياس البلاستيكية السوداء تعود إلى الأسواق لعلّ المتجول عبر أسواق مدينة مغنية يلاحظ عودة الأكياس البلاستيكية السوداء التي أصبحت تتداول من جديد بعد أن استغنى عنها فيما سبق بسبب خطورتها على صحة الإنسان وآثارها السلبية على الطبيعة والبيئة، إلى جانب تشكيلها خطرا على صحة الأفراد، الأمر الذي استلزم الوزارة المعنية إصدار مرسوم تنفيذي رقم 04 / 210 الصادر في جويلية من عام 2004، يهدف للقضاء الكلي على استعمال الأكياس السوداء أكثر من ذلك، اتجهت السلطات العمومية لمعاقبة منتجي هذه الأكياس، فقد تم غلق ما يقارب عشر وحدات إنتاج للأكياس غير محترمة للبيئة ومع ذلك، وبعد أكثر من خمس سنوات من إصدار المرسوم والشروع في العمل به، تستمر هذه الأكياس في التواجد في الأسواق، وتكاد تكون الوحيدة المعمول بها، سيما في تغليف المواد الغذائية، والتي تحتوي على مواد كيميائية سامة، من شأنها التغلغل داخل المواد الغذائية وكذا الأيادي الحاملة لها، ما يؤدي إلى إصابة العديد من الأشخاص بتسممات، حيث ذكر العديد من المختصين أن هناك إشكال ثقافي يعرقل القضاء على الأكياس البلاستيكية سوداء اللون، يتمثل في أن بعض الجزائريين يفضلون حجب مشترياتهم عن الفضوليين، ولذلك يميلون إلى استعمال الأكياس البلاستيكية سوداء اللون، وفي هذا الإطار يجمع المسؤولون على أن التصدي لهذه المشكلة يعتبر تحدياً صعباً، بعد أن أصبحت أكياس وعبوات البلاستيك تدخل في جميع تفاصيل الحياة اليومية، ولذلك لا بد من خطوات متدرجة تبدأ بتقليل استخدام هذه الأكياس، وإحلال الكيس الورقي مكانها وكذلك تعميم استخدام العبوات الزجاجية بدل العبوات البلاستيكية، وصولاً إلى إنهاء هذه الظاهرة الخطيرة على حياة الناس وسلامة البيئة، لكن مثل هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عمل دؤوب يستمر لسنوات طويلة..وأخيرا لاآخر، يبقى مشكل حماية البيئة مطروحا حيث يعتبر مهمّة الجميع..