"الفن الرابع، فضاء آخر لتعبير النخبة وصناعة الحدث بكل أبعاده" تباينت آراء المشاركين في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، من ضيوف شرف، فنانين ونقاد، بين مرحب بمثل هذه المهرجانات، وبين معارض لها، خاصة وأنها لا تقدم شيئا للساحة الثقافية والمسرحية، بل تعد حسب البعض وسيلة استنزاف لا غير، وهو ما حاولت "النهار" أن تسلط عليه الضوء في حديثها مع المشاركين. قال الدكتور، نادر القنة، عضو لجنة التحكيم في المهرجان "إن مثل هذه المهرجانات لن تؤتي أكلها إلا إذا اقترنت بقرارات حاسمة، إما من طرف المسؤولين عنها، أو بقرارات فوقية تضمن تأثير مثل هذا الحدث الثقافي على الجمهور والساحة المسرحية والثقافية بشكل عام"، مشيرا إلى أن الواقع العربي، جعلنا ننظم مهرجانات دون أن نستفيد منها. وأردف الدكتور قائلا "لقد حاولنا رفقة بعض الجهات المعنية بالشأن المسرحي العربي تأسيس هيئة المسرحيين العرب لكن المنظومة العربية رفضت ذلك، وقوبلت الفكرة بعراقيل سياسية ومشاكل صنعتها بعض الأنظمة العربية"، ليبقى حسبه الحدث الثقافي عموما سواء أكان مهرجانا مسرحيا أو غيره مجرد نشاط عابر قد لا يضيف الجديد للساحة الثقافية. وأكد الكاتب والمسرحي الجزائري، ناصر خلاف، منسق الملتقى العلمي وعضو لجنة تنظيم مهرجان المسرح المحترف بالجزائر "أن التوصيات التي خرج بها ملتقى العام الماضي والطبعات السابقة من المهرجان لا زالت حبرا على ورق ولم يتم تجسيدها فعليا، وهذا راجع لعدة ظروف متنوعة"، مضيفا في حديثه "غياب الممثلين والوجوه البارزة عن مثل هذه المحطات زيادة الى عدم وجود تنسيق بينها، أو تجاهل أي طرف للآخر، ناهيك عن غياب قرارات نوعا ما صارمة ومسؤولة يجعل من المحطة الثقافية والمهرجان تحديدا مجرد روتين لا أكثر". أما الممثل المسرحي، نور الدين أوغليسي، فقد رد سبب عدم الاستفادة من المهرجانات المسرحية في الجزار خصوصا الى "عدم وجود لجنة متابعة لما يتم تقديمه من أعمال، إما فنية المتمثلة في العروض والإبداعات الفنية، أو فيما خلصت إليه الملتقيات والجلسات العلمية في الموضوع"، مبرزا أنه ومن أجل التخلص من المشكلات المعرقلة للفن المسرحي والعراقيل الموجودة على ساحته "وجب العمل بالاقتراحات المتوصل إليها من اللقاءات التي تتناول في مجملها أساسيات المسرح وعوامل تطوره أو أسباب تراجعه. وعلى الجهات المسؤولة أن تحترم ما توصل إليه المشاركون وما طرح من جهتهم، والأخذ بعين الاعتبار اقتراحاتهم وانتقاداتهم في المجال ذاته". وباعتباره كاتبا في الميدان المسرحي وأحد أبرز الناشطين فيه فقد عبر الدكتور، مخلوف بوكروح، الذي سجل غيابه عن طبعة المهرجان لهذا العام، في تصريح سابق، عن أسفه لكون المهرجان لا يرقى إلى مصاف المهرجانات العربية المحترمة سواء في عدد العروض أو المشاركين والضيوف، معتبرا الحدث الذي ينظم سنويا مجرد محطة مسرحية للالتقاء فقط دون أدنى صناعة للحدث، مشددا على ضرورة الجدية في العمل والصرامة في احتضان مثل هذه التظاهرات من أجل حفظ ماء الوجه، ولتطوير الميدان المسرحي داخل الوطن وخارجه. وفي نظرة متفائلة، يرى الفنان والكاتب المسرحي العراقي، عزيز خيون، أن المهرجانات المسرحية وعلى الرغم من السلبيات التي قد تكون فيها، إلا أنها "تثير استفزاز الطاقات المسرحية في شتى عناصرها، كما تسمح بتقديم فرصة اكتشاف الآخر، خصوصا الطاقات الجديدة والتجارب الناجحة، سواء كانت تجارب للبلد المضيف أم تجارب وأعمال لبلدان أخرى مشاركة". الكاتبة والأديبة الجزائرية، زهور ونيسي، تنظر بإيجابية للمهرجانات المسرحية والثقافية في الجزائر والعالم العربي باعتبار أنها فرصة للقاء، وأول خطوة للتواصل والتوصل للحلول أو للإبداع الذي يكمن في لقاء الآخر سواء كان فنانا ناقدا أو غير ذلك. وتظل جملة التصريحات التي أدلى بها المختصون في الميدان المسرحي حول موضوع المهرجانات المسرحية عموما ومهرجان المسرح المحترف خصوصا، وما أمكنها أن تقدم للساحة الوطنية والعربية من رقي وازدهار، مجرد آراء واقتراحات بعضها صائب وبعضها يحتمل الخطأ، ليدعو الجميع الجهات المسؤولة وأصحاب القرار القادرين على التغيير أن ينهضوا بالفن الرابع، وأن يجدوا للنُّخب المثقفة، من كتّاب باحثين فنانين ومسرحيين، سبيلا للتخلص من المشاكل التي تضاف إلى أزماتهم الاجتماعية.