يجري تحت أنظار الجميع دون أن تتحرك أي جهة على خلاف السنوات الماضية التي عرفت فيها السياحة بمناطق الجهة الشرقية لولاية بجاية انتعاشا كبيرا أهلها لاستقطاب أعداد هائلة من الزوار وسياح أجانب وخاصة باتجاه مدينتي تيشى وأوقاس، لكن سرعان ما بدأت الصورة تنقلب من النعمة إلى النقمة تسببت فيها مظاهر الفساد وبكل أشكاله المختلفة المنتشرة تحت أنظار الجميع دون أن تتحرك أي جهة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فمدينة تيشي التي لا يفصلها عن عاصمة الولاية سوى بضع كيلومترات تشهد تراجعا كبيرا بسبب تحول رغبات الاستثمار في هذا القطاع الحساس، فالمنطقة التي تتربع حظيرتها الساحلية على امتداد أربعة كيلومترات وكانت بالأمس القريب تستقطب ملايين الزوار من كل جهات الوطن وخارجه، أصبحت الصورة معكوسة في هذه السنوات الأخيرة جراء استمرار إكراه الزوار على مشاهد تقشعر لها المشاعر. فالمدينة تغرق ليلا ونهارا بمظاهر الفساد، أبطالها فتيات هن من بائعات الهوى ينتقلن في أطراف المدينة دون حرج وبحرية كاملة بحثا عن الزبائن وأعدادهن يتفاقم يوميا بعد يوم، لأنهن وجدن كل الظروف متاحة والجميع هنا يتهرب بالصمت وكأن المسالة لا تعنيهم، والأدهى من ذلك أن بعضهن تجرأن على ارتداء لباس مكشوف ويتداولن بالانتقال من موقع لآخر دون أي اعتبار أو احترام للغير ولعائلات المنطقة التي لم تكلف نفسها أي شئ للإبلاغ عن الضرر الأخلاقي، وهو نفس الصمت الرهيب الذي يميز المسؤولين. وما زاد للمشكلة فسادا وضررا وهو تبعات انتشار أوجه الفساد والفاحشة والتي تتم نهارا جهارا على ضفة الشواطئ بمشارف المدينة وعلى فرجة أعين الجميع ممن تستهويه الرومانسية على أشكال بعيدة كل البعد عن طبيعة مجتمعنا وحرمة العائلات والدين. التوسع المفرط لمواقع بيع الخمور بنوعيه وحتى الفنادق المعروفة بالمنطقة أصبحت هي الأخرى تتاجر بالخمور وتستقطب الجنس مما تسبب في عزوف الزبائن عنها لأنهم يرفضون هذا، وجاءت الصدفة مواتية إذ التقينا عائلات أمضت ليلتها الأولى بفندق معروف ولم تكن تعلم أن المكان غارق ببائعات الهوى، واكتشفت ذلك صباحا ليغادروا الفندق سريعا، وقال لنا أحدهم أنه لم يكن يعرف أن المدينة تحولت إلى هذا المنظر المشين. وحاولت "النهار" كسر هذا الطابو بعد أن تحفظت عليه بعض الجهات للأسف، واقتربنا من بعض ممن يصنعن هذه الظاهرة واخترقنا صفوفها بغرض معرفة ما الذي استقطبهن بهذه الكثافة للمدينة، فقالت إحداهن صراحة ودون تردد رافضة الكشف عن هويتها "إن المطلب لا يتعدى حدود ضمان المعيشة"، وأضافت أن "الأجواء والظروف مواتية هنا وبشكل كبير"، وهو نفس التعبير الذي جاء على لسان الكثيرات من هن. وتشير أخرى إلى أنها تمضي سنتها الثالثة بهذه المنطقة ولم يضايقها أحد بالسوء أو مطالبتها بالابتعاد، ولما سألناها عن الحرج الذي يتسببن فيه ردت أنهن أحرار في هذه الأمور الشخصية، لكنهن تجاهلن أن حرية الأشخاص تنتهي عند بداية حرية الآخرين. كما اقتربنا من المواطنين للتعرف على آرائهم ومواقفهم من هذا المشهد الخطير الذي يجتاح المنطقة فأكدوا لنا أنهم راسلوا الجهات التي تعنيها المسالة وطالبوها أولا بغلق عشرات المحلات التي تبيع الخمور والتي كانت وراء تفشي هذه الظاهرة الخطيرة.