بقدر ما ينتظر المنتخب الوطني الجزائري من تحديات كبيرة ورهانات صعبة للغاية في تصفيات كأس إفريقيا للأمم، على ضوء نكسة تنزانيا واستقالة الناخب الوطني رابح سعدان، فالأكيد أن أمور الرجل الذي يتولى الإشراف على العارضة الفنية وشؤون بيت الخضر لن تكون في حال من الأحوال في صالحه، طالما أنه مقبل على عراقيل ومشاكل من المنتظر أن تصادفه في هذه المغامرة الصعبة. حيث تشير كل المعطيات إلى أن المدرب الجديد للتشكيلة الوطنية لن يجد الطريق معبدا لقيادة سفينة المنتخب وفي ظروف طبيعية، كما لمسنا ذلك من خلال المدربين السابقين الذين تدالوا على الإشراف على تدريب محاربي الصحراء وبالخصوص عهدة الناخب الوطني رابح سعدان، الذي لم يتوان في الإستسلام ورمي المنشفة من المنتخب، وهو ما يجعلنا بالتأكيد نقر بما ينتظر المدرب الجديد من قنابل موقوتة والتي سيكون مطالبا بحسن التفاوض معها، وهذا دون أن نستثني أي طاقم فني مرتقب لتولي تدريب كتيبة الخضر، طالما أن هذا الهاجس سوف يعترض أي رجل يتولى عرش المنتخب، ولن يكون في غنى عن العوائق الأولية التي تعترضه خاصة في الأيام التي تسبق بداية مشواره، وهنا نبرز مشكل الإنضباط داخل المجموعة والجانب السلوكي للاعبين علاوة على إعادة الثقة للاعبين بعد النتائج الأخيرة. الإنضباط والصرامة أولى القنابل المدوية التي ستواجه المدرب الجديد وبغض النظر عن الجانب الفني أو التقني الذي لا يطرح أبدا عائقا في وجه المدربين والتقنيين طالما أن هذا العمل يمكن التحكم فيه، لكن في المقابل فإن أولى المشاكل التي قد تخرج عن إرادة المدرب الجديد للخضر وتصعب من مأموريته قضية فرض الإنضباط والصرامة داخل التعداد، وهذا باعتبار أن المنتخب عاش في الآونة الأخيرة وضعيات كثيرة من نماذج للاعبين الذين تخلوا عن هذا العامل، والذي كاد يكلف المنتخب غاليا لاسيما في الفترة التي كان فيها الفريق يحضر لرهانات هامة على غرار منافستي كأس إفريقيا وكأس العالم بجنوب إفريقيا، وبناء على هذه المعطيات فإن المدرب مطالب بمواجهة هذا العائق أكثر من أي مشكل آخر لأنه يدرك جيدا أن فقدان السيطرة على المجموعة وترك اللاعبين يفعلون كما يحلوا لهم من شأنه أن ينعكس سلبا على نتائج المنتخب، خاصة وأننا ندرك جيدا أن أغلب اللاعبين لا سيما المحترفين متعودون مثلا على السهر في الأيام قبل المباريات الرسمية وهو ما يجعل المدرب أمام أمر الواقع. الشواكر، النجوم، الأسماء الثقيلة .. داء لا بد له من دواء وعلى خلاف الجانب الفني والإنضباطي اللذان يعدان أولى العراقيل التي تصادف المغامر الجديد للطاقم الفني الذي يشرف على الخضر، فإن هذا الأخير لن يكون أيضا في غنى عن مشكلة عويصة من المنتظر أن تعترضه خاصة لدى التركيبة الحالية من اللاعبين، حيث وحسب تقديراتنا فإن تواجد عناصر وأسماء ثقيلة داخل التعداد ''الشواكر والنجوم'' لا يعدوا أن يكون في صالح المدرب الوطني، وهذا باعتبار تأثير قراراتهم داخل المجموعة ودورهم السلبي وهو ما لمسناه بالتأكيد في المرحلة السابقة عند سعدان الذي عانى كثيرا من ويلات بعض اللاعبين الذين فرضوا منطقهم في الكواليس دون الميدان، إذ عادة ما كانت هذه العناصر تحتكر صلاحية المدرب خاصة فيما يخص الخيارات والتشكيلة المعنية بخوض المواجهات الرسمية والتي عادة ما يكون ''الشواكر'' طرفا فيها، وهو الأمر الذي يتوجب على المدرب الجديد أخذه بعين الإعتبار إذا ما أراد الحفاظ على شخصيته داخل الفريق وسيطرته على المجموعة. فرض المساعدين على المدرب سلاح ذو حدين في المقابل فإن أكثر ما يشغل بالتأكيد مفكرة أي مدرب نظير توليه سفينة المنتخب أو أي نادي، هو استفساره دائما عن هوية مساعديه الذين يستعين بهم في طاقمه الفني، وهو الحال أيضا بالنسبة للمدرب المرشح لتولي العارضة الفنية للمنتخب الوطني الجزائري الذي يبدو شغله منصب على اختيار مساعديه، وهو ما يجعله بالتأكيد أمام مشكلة عويصة خاصة إذا ما أقدمت الإتحادية الجزائرية لكرة القدم على فرض المساعدين للعمل معه، وهو ما قد ينبئ بصراعات لاسيما من جانب الصلاحيات في اتخاذ القرارات داخل المنتخب، وهو الوضع الذي قد يصعب من عمل الطاقم الفني في تسييره للتشكيلة، إذ من الواضح أن ميول المدرب الأول تتجه عادة إلى رغبته في تولي زمام الأمور بمفرده، وهذا لكي يتسنى له تحميل مسؤولياته سواء في حال تحقيقه للنتائج أو العكس، بالرغم من تواجد طرف ثاني من المدربين يحبذون التعامل مع المساعدين وهذا للتقليل من الضغط المفروض عليهم. إعادة روح المجموعة وثقة الأنصار هدفان لا بد منهما وفي ظل الوضعية الحرجة التي يتواجد عليها منتخبنا بعد فشله في تسجيل انطلاقة موفقة في خرجته الأولى أمام تنزانيا في رهان تصفيات كأس إفريقيا للأمم، فإن مهمة المدرب الجديد تقتضي إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، حيث سيكون مطالبا بالدرجة الأولى بالعمل على الجانب النفسي لدى اللاعبين وإعادة الثقة لهم، خاصة وأن الأغلبية مازالت متأثرة وأضحت معنوياتها في الحضيض بعد نكسة تنزانيا، لاسيما وأنها جاءت أمام جمهورهم وفي معقل تشاكر الذي لم يتعود فيه المنتخب على التفريط في الفوز والنقاط الثلاث حتى في أسوء حالتهم، وبالتالي فإن الأمور هنا واضحة إذ أن الطاقم الفني يتوجب عليه أخذ حيطته من أي فشل جديد من شأنه، أن يرهن بقاءه كثيرا في المنتخب خاصة وأن الأنصار أيضا مازالوا يترصدون أي تعثر جديد ليعلنوا خيار المقاطعة، وهو ما يعني أن المدرب مطالب بضرورة البحث عن النتيجة والتدارك قبل فوات الأوان لتفادي هذا السيناريو، والواضح أن بقاء التشكيلة قد يخدم المدرب الجديد في تحقيق طموحاته وأهدافه أما إذا حدث العكس فالأكيد أن هذا لن يكون في صالحه، باعتبار أنه ينتظره عمل كبير للوصول إلى مبتغاه.