شيّع أمس، في مقبرة سيدي امحمد، جثمان الشيخ العلامة عبد الرحمن الجيلالي رحمه الله، عن عمر يناهز 102 سنة، في جو مهيب حضره جمع من الأئمة والمشايخ، إلى جانب إطارات وزارة الشؤون الدينية، مخلفا عشرات المؤلفات المطبوعة وغير المطبوعة التي تناولت قضايا التاريخ، وأصول الفقه والشريعة الإسلامية. نتقل الشيخ عبد الرحمن الجيلالي ليلة الخميس إلى الجمعة، إلى جوار ربه عز وجل، إثر وعكة صحية نُقل بعدها إلى مستشفى عين طاية، أين رحل عن هذه الدنيا، تاركا مكتبة تزخر بالعلوم والمعرفة تزيد مؤلفاتها عن 20 ألف كتاب و10 آلاف عنوان، زيادة على قرابة 200 مخطوط لمشايخ وعلماء الإسلام، التي لا يملكها غيره. ونقل الشيخ بعد وفاته إلى دار الإمام في المحمدية، حيث تلقى أهله العزاء، وألقى عليه محبوه النظرة الأخيرة، قبل أن يُحمل إلى مسجد دار الإمام، أين صليت عليه صلاة الجنازة، ونقل بعدها إلى مقبرة سيدي امحمد تحت حراسة مشددة، رافقتها عناصر الأمن وموكبا يليق بتاريخه الحافل بالإنجازات والعلوم، مخلفا وراءه الآلاف من التلاميذ طول قرن كامل من التعليم والتعلم. اشتهر الشيخ بمؤلفه المعروف ''تاريخ الجزائر العام''، الذي يتكون من 6 أجزاء، يبرز فيه التاريخ الجزائري، ومؤلفات أخرى تنير درب الجزائريين، فكان عبر مسيرته مؤلفا، أديبا وصحفيا، تتلمذ على يده عشرات الشهداء، أبرزهم مراد ديدوش، الذي كان من بين تلامذته في المدرسة الليلية أواخر الأربعينات من القرن الماضي، حيث كان الشيخ أحد مناضلي حزب الشعب الجزائري حينها. وتتلمذ الشيخ عبد الرحمن الجيلالي على يد عدة مشايخ أيضا، منهم الشيخ الحفناوي رحمه الله، الشيخ محمد بن شنب الذي يعد أول عربي يحوز على شهادة الدكتوراه، والذي خصّص له الفقيد كتابا كاملا تحدث فيه عن خصال وسيرة شيخه، في الوقت الذي ساهم في التحاق عدد كبير من طلبته بجامعة الزيتونة في تونس خلال الثورة التحريرية وقبلها، على غرار تلميذه الذي لازمه لأكثر من 60 سنة العربي الهاشمي، الذي كان حاضرا في دار الإمام. تحصل الشيخ الراحل خلال مسيرته العلمية على عدة شهادات علمية وشرفية، أبرزها جائزة الجزائر الأدبية الكبرى التي فاز بها سنة 1960، إلى جانب اعتراف وشهادة تقدير من رئيس الجمهورية الشادلي بن جديد سنة 1987، في الوقت الذي تعتبر شهادة الشعب الجزائري أبرز شهادة يعتز بها الفقيد وجل الجزائريين له، بصفته الأب الروحي لكل جزائري.