تمكنت قوات الأمن المشتركة في عملية نوعية وإثر كمين محكم في حدود الساعة الرابعة والنصف من عصر أمس، من القضاء على ''أمير'' وادي سوف محمد نقية المعروف باسم ''أبو الخباب''. ووقعت العملية وسط سوق القباب في قلب مدينة الوادي وتحديدا أمام مكتبة مقابلة لمكان تواجد الإسكافيين التقليديين، عندما كان الأمير راجلا باتجاه قلب المدينة مرورا بالسوق، إلا أن قوات الأمن التي كان عناصرها في انتظاره، تمكنت من محاصرته والقضاء عليه. وقد قتل ''أبو الخباب'' بثلاث رصاصات، اثنان كانتا على مستوى الأرجل، للتمكن فقط من إصابته وشله عن الحركة ومنعه من الفرار، غير أنّه بمجرد محاولته الاستمرار في المقاومة والرد، تلقى رصاصة ثالثة في الرأس، دون أن تخلف العملية أية خسائر أو أضرار جانبية وسط المدنيين، بسبب الاحترافية والدقة العالية التي تعاملت بها مصالح الأمن مع الإرهابي. وقد طوقت قوات الأمن فور تنفيذ العملية بنجاح، مكان الحادثة واستدعت مصالح الحماية المدنية لنقل جثة الإرهابي لمصلحة حفظ الجثث، في انتظار تحليل الحمض النووي، للتأكد من هويته بنسبة مائة من المائة، رغم أنه تم التعرف عليه. واسترجعت قوات الأمن خلال العملية، أغراضا كانت بحوزة ''أبو الخباب''، وهي مسدس آلي وكيس بلاستيكي فيه أشياء لم يتسن لنا معرفتها. وأثارت العملية التي جرت بعد تلقي معلومات من طرف مواطنين تعرفوا علي ''أبو الخباب'' كونه من المنطقة، حالة من الفضول من طرف المواطنين الذين قصدوا مكان السوق لمشاهدة جثة الإرهابي قبل نقلها، إلا أن انتشار قوات الأمن المكثف حال دون ذلك، حيث وجهت تعليمات لأصحاب المحلات التجارية وسط السوق بغلقها، وتم إبعاد الفضوليين عن مكان الحادث كما جرى حظر التصوير على كل مواطن. وكشفت مصادر مطلعة رفيعة المستوى أن ''أبو الخباب'' كان متواجدا بمدينة الوادي في إطار مهمة متعلقة بالوضع في ليبيا. من هو ''أبو الخباب'' أمير الوادي؟ محمد نقية المكنى حركيا بعبد الحق أبو الخباب من مواليد ڤمار سنة 1968، أعزب عندما التحق بالمسلحين، ويعد من أقدم نشطاء الجماعات المسلحة من أبناء منطقة الوادي ومن عموم المسلحين في الجزائر، حيث يعتبر الوحيد الذي مازال حيا إلى غاية أمس الثلاثاء ممن شاركوا في الهجوم على ثكنة عسكرية بمنطقة ڤمار يوم 21 نوفمبر1991. سجن بتازولت وفر من السجن سنة 1994 والتحق بالجماعة الإسلامية المسلحة ''الجيا'' في منطقة باتنة أو المنطقة الخامسة شارك في عدة عمليات ضد القوات الخاصة، وشارك في الهجوم على ثكنة بموريتانيا، ويعتبر الآن من أبرز قيادي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وشارك في اختطاف السياح النمساويين ويتميز بالإقدام ويوصف بأنه مقاتل الشرس ومن المؤثرين في التنظيم الإرهابي المذكور، فهو يعتبر بمثابة القائد الميداني لكتيبة طارق ابن زياد التي يقوها ''أبو زيد''. ويقول تائبون جدد أن ''أبو الخباب'' لم يتزوج إلى الآن. من ''مونافري'' إلى أمير بولايات الشرق محمد نقية أو عبد الحق أبو الخباب كان من نشطاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحل ومن شبابها في ڤمار في تلك الفترة سنة1991 قبل أن يسجن على خلفية مشاركته في حادثة ڤمار الشهيرة ويفر من سجن تازولت سنة 1994، وكان دخله الوحيد من عائدات أشغاله اليومية في ورشات البناء كعامل بسيط، إضافة إلى أنه كان يدرس في المرحلة الثانوية وفي القسم النهائي. واكتسب ''أبو الخباب'' بنشاطه في الجماعات الإرهابية دراية كبيرة بالصحراء، من حيث المداخل والمخارج، حيث يتسم بذكاء حاد وكان من العناصر التي تدافع في تنظيم دروكدال عن أبناء المنطقة، ليتم ترقيته قبل نحو عامين إلى أمير على منطقة الوادي مكلف بمتابعة عمليات التزود بالسلاح وتهريب الأسلحة التي تجلب من فرع التنظيم في الصحراء بإمرة أبوزيد، إضافة إلى تنسيق العمل والربط بين التنظيم في الشمال والصحراء، حيث كانت إمارة الوادي لدى الجماعة السلفية للدعوة والقتال بمثابة همزة الوصل، إلا أن تنظيمه وخلال الأشهر الأخيرة، عرف وضعا صعبا فلجأ إلى الاستنجاد بالمهربين سواء مهربي السجائر أو الوقود، لتحقيق دخل لكتيبته التي تضم معظم عناصرها من الوادي، وقد رصدت قوات الأمن تحركاته في أكثر من مناسبة، آخرها إقامته لسد بين خنشلة وبسكرة وتوزيعه مصاحف على المهربين، وقد تحدثت عدة معلومات في الآونة الأخيرة عن تواجده في الوادي متجها نحو ليبيا، إلا أن الانتشار المكثف لقوات الأمن بالمناطق الحدودية وحالة الاستنفار التي تم رفعها إلى الحد الأقصى بالوادي قبل أيام، جعله لا يستطيع الخروج من المدينة إلى أن وقع أمس قتيلا على أيدي قوات الأمن المشتركة وسط السوق. الدرك يمشط سوق الوادي فرضت قوات الأمن ليلة أمس طوقا أمنيا على سوق القباب والأحياء المحيطة وشرعت في حملة بحث وتمشيط عن مرافقين للأمير أبو الخباب. وتأتي عملية التمشيط باعتبار أن المعني أميرا، لا يمكن أن يكون بمفرده في المنطقة، حسب ترجيحات مصادر أمنية. وتم غلق عدة طرقات ومنع حركة السير باتجاه سوق المدينة، ثم الانتشار المكثف لعناصر الدرك في الأزقة والأماكن التي يمكن أن يلجأ إليها المختبئون في السوق.