في وقت تتسابق دول العالم إلى حماية تراثها التاريخي، يتعرض هذا التراث بالجزائر إلى مخاطر عديدة، وهو ما تؤكده حالة آثار مدينة "تازولت"، التي يهددها الزحف العمراني المتواصل، رغم أنها لا تزال تكتنز العديد من الآثار المطمورة في الأرض. و قد عثر الكثير من الأشخاص الذين شيدوا مساكنهم على مشارف بعض الآثار، على قطع أثرية تتمثل في تماثيل و قطع نقدية تعود لحقب تاريخية ماضية، وهذا أثناء قيامهم بحفر أساسات المساكن، وعلى الرغم من ذلك فإن عملية التوسع العقاري مازالت متواصلة، دون مراعاة لأهمية المنطقة وما تحويه من آثار، ويبرر هؤلاء فعلتهم بأن مدينة "تازولت"، كلها عبارة عن أثار ولا خيار أمامهم إلا مواصلة عملية البناء. من جهة أخرى، دعا رئيس المجلس الشعبي البلدي لتازولت "موسى فلاح"، خلال الجلسة التقييمية التي انعقدت بمقر الولاية، والتي تمحورت حول مناقشة الوضعية العامة للبلديات، التي قام بزيارتها الوالي مؤخرا، حيث شدد المير على ضرورة حماية المنطقة الأثرية من التلاشي، بفعل الفيضانات التي تهددها، معتبرا إياها مكسبا ثمينا يجب المحافظة عليه، وبالمقابل أكدت عدة بحوث استكشافية أجريت بالمنطقة، عن وجود أحياء سكنية مجهولة إلى حد الآن بمدينة "لمباز"، تحتاج إلى بذل جهد مضاعف من طرف الباحثين المتخصصين لأجل الوصول إليها، و كانت آخر الأعمال الاستكشافية، تلك التي قامت بها مجموعة الباحثين في علم الآثار بينهم أجانب سنة 2006، حيث أكد أعضاء البعثة الأثرية على هامش يوم تقييمي، غنى المنطقة بالكنوز الأثرية التي هي في حاجة إلى بذل جهود لإبرازها، كما اكتشفوا مسكنين ذي طابع هندسي يعكس رقي الحضارة النوميدية، التي كانت "لمباز" عاصمة لها منذ القرن الثاني إلى بداية القرن الرابع ميلادي، حيث تم إيقاف عملية الحرث في القطع الأرضية التي اكتشفت بها المساكن، إلى جانب توقيف أشغال انجاز طريق بمحاذاة مصنع الياجور، بعد اكتشاف آثار عن طريق الصدفة، من قبيل مساكن بأروقة و أعمدة، وقاعة استقبال مزينة ببلاطات فائقة الجمال، من بينها لوحة شكلت بصورة استثنائية، أدت دراستها إلى التعرف على مشهد أسطوري، وهو "القربان الخائب" ل "فركسوس و هيلي"، وربما تعتبر هذه الآثار عينة من كنوز لا تزال مجهولة، يتطلب إبرازها الإسراع في تحديد المناطق الأثرية، التي هي اليوم تتعرض للزحف العمراني الذي يهددها بالزوال. م. ب