تحول الحديث عن سعر لحم البقر بعدد من القصابات بمدينة عين الحمام بولاية تيزي وزو، إلى لغز كبير ومحير في رأس كل من يشاهد اللافتات المعلقة على واجهة هذه القصابات بالشارع الرئيسي للمدينة، حيث أنّ سعرها يتراوح بين 559 دج إلى 600 دج للكيلوغرام الواحد، في حين أن سعر لحم البقر في باقي القصابات الأخرى وعبر مختلف بلديات الولاية يقدر ب850 دج ويصل أحيانا إلى 900 دج للكلغ الواحد. يطرح مستهلكون الكثير من علامات الاستفهام حول مدى صلاحية اللحوم الرخيصة التي يتهافت عليها زبائن من خارج الولاية، ويشدّد متابعون أنّهم قاطعوا هذه اللحوم كونها في نظرهم بدون طعم ولا رائحة خاصة وأنها مجهولة المصدر والهوية، في أمر مثير صار حديث الساعة بتيزي وزو. ولمعرفة حيثيات القضية، فنّد صاحب إحدى القصابات ل»السلام» ما راج حول اللحوم المذكورة، مصنفا المسألة كإشاعة يروجها زملاؤه بعين الحمام، عبر الإدعاء بأنّ اللحوم الرخيصة التي تباع غير صالحة للاستهلاك، وأكّد المعني أنّه اضطر إلى تخفيض الأسعار وهذا من أجل جلب عدد أكبر من الزبائن الذين لا يترددون في شراء كميات هامة من اللحوم بسبب سعرها المنخفض الذي لا يتعدى 590 دج للكلغ الواحد، بعدما كان يبيعها في وقت سابق ب850 دج للكلغ. وعن أسعار اللحوم في أسواق البيع، صرح الجزار المذكور أنّ تسعيرة بيع اللحوم هذه الأيام ليس لها أي فائدة للمستهلك، معتبرا أنّ غياب الرقابة التموينية عن أسواق البيع تشجع الجزارين على ذلك والحاجة تدفع المستهلك للشراء بأسعار رخيصة، وهذا ما أكده العديد من المواطنين والذين وجدناهم قد اصطفوا بالقرب من قصابة هذا الأخير وجاؤوا من ولايات بومرداس، العاصمة وبجاية لشراء اللحم. من جهته، صرح مواطن من ضواحي قرية «تاقة «بعين الحمام أنّ ظاهرة بيع اللحوم بأسعار تنافسية منذ أكثر من 6 أشهر، جعلته يقرر مقاطعة شراء اللحم بالمنطقة، خاصة بعد أن تأكد الجميع بكون اللحوم الرخيصة هي لحيوانات مجهولة الهوية والمصدر، مضيفا أنّ عين الحمام شهدت منذ شهر جانفي الفارط تعدد أنواع اللحوم المسوّقة وسط اختلاف أسعارها، فهناك لحوم لونها أحمر وأخرى لونها زهري ولحوم أخرى نجهل أنواعهاومصادرها، فيما يعمل العديد من القصابين إلى الإساءة إلى تسعيرة بيع اللحوم فكثيراً ما يخترقونها ويبيعون لحم الماعز على أنه لحم خروف ولحم البقر على أنه لحم أنثى الغنم هذا بالإضافة إلى قيامهم بالذبح خارج المذبح. ومن جهة أخرى، أكد صاحب قصابة أخرى هو الآخر أنّه اضطر لخفض أسعار اللحوم، ووجد نفسه مرغما على ذلك ليس بسبب المنافسة ولكن لتوفر المنطقة على الثروة الحيوانية حيث تمتلك اعدادا كبيرة من الاغنام والأبقار. وإذا كان هؤلاء الجزارين يقومون بربط عملية انخفاض الأسعار من ألفها إلى يائها بقانون العرض والطلب، لكن جزار آخر يقول العكس، ويؤكد في حديثه أنّ التراجع والنقص في أعداد الثروة الحيوانية أدى إلى قلة عرض الأبقار المعدة للذبح في أسواق اللحوم، ما جعل أسعارها مرتفعة، لكن بين هذا وذاك فإنّ آراء أصحاب المهنة لم تقترب من ضفاف الحقيقة وسط كلام أقرب إلى «ذر الرماد في الأعين»، لكن المؤكد أن الذين قاموا بخفض الأسعار يقومون بذبح الأبقار خاصة الضعيفة منها والمريضة أحيانا ليحققوا الأرباح الفاحشة وما يساعد على هذه الارتكابات هو الانعدام التام للرقابة. وأكد أحد الجزارين بعين الحمام أنه من المستحيل بهذا السعر الرخيص الذي يبيع به زملاؤه اللحوم الحمراء، أن تكون للجزار فائدة لو كانت في الحقيقة لحوما صالحة لأنها تلحق بهم خسارة كبيرة، وحذر هذا الأخير الزبائن من اقتنائها كونها لحوما لأبقار مصابة بالكثير من الأمراض كالجنون وغيرها وهي غير صالحة للاستهلاك ولا طعم ولا رائحة لها. وطالب الجهات المسؤولة ضرورة التدخل لإيقاف حد للمنافسة غير المتكافئة والوضعية المصحوبة بعدة أخطار، خلقتها عمليات غير قانونية تتطلب تدخل المصالح المعنية لحماية الثروة الحيوانية والحماية والحفاظ على قدراته الإنتاجية والتجارية والشرائية والحفاظ بالدرجة الأولى على صحة المستهلك.