يعرف التيار الإسلامي في الجزائر، حالة تشتت كبيرة مع بداية العد التنازلي للانتخابات الرئاسية، حيث فشلت كل محاولات التقريب بين أحزابه والشخصيات الفاعلة فيه وأكثر من ذلك ظهرت اختلافات عميقة بينها في طريقة التعامل مع هذا الموعد السياسي. لم تختلف وضعية التيار الإسلامي عشية الرئاسيات القادمة، عن تلك التي عرفها في المواعيد السياسية خلال السنوات الأخيرة، أين فشلت كل مكوناته في التوافق على رؤية واحدة بشأن التعامل مع الاستحقاقات الانتخابية السابقة باستثناء ماحدث من تحالف عشية تشريعيات 2012، أين نجحت أحزاب النهضة، حمس والإصلاح في التكتل الذي سمي "الجزائر الخضراء" والذي مازال مستمرا إلى اليوم. وتعرف مختلف التشكيلات المحسوبة على التيار الإسلامي وحتى الشخصيات السياسية حالة تشرذم واختلافات عميقة بشأن التعامل مع موعد الرئاسيات بشكل جعل صوتها ضعيفا وسط هذه التجادبات الحاصلة لصياغة موقف موحد من هذا الموعد السياسي. ورغم بقاء تكتل الجزائر الخضراء متماسكا ونشاطه ضمن مجموعة ال 14 وحاليا مجموعة العشرين إلى أن بوادر تصدع هذا التكتل قائمة مع اقتراب موعد الانتخابات، كون عدة شخصيات قيادية فيه أبدت رغبتها في الترشح للرئاسيات بشكل سيحدث هزة داخل التحالف فضلا عن أن حركة حمس تمر بامتحان عصيب بفعل خلافات داخلية حول مرشح الحركة. واعترف عبد الرزاق مقري، مؤخرا بأن المشاورات التي أجراها للتقريب بين مواقف عدة أحزاب باءت بالفشل رغم عدم غلقه باب السعي لاستكمال هذه المشاورات لكن فرص نجاحها تبدو معدومة فضلا عن أن استنجاد الإسلاميين بوساطات من الخارج لم تفلح في لم الشمل مثلما فعل الداعية الموريتاني ولد الدودو. وأكثر من ذلك فإن الرئاسيات أدخلت حركة مجتمع السلم في أزمة صامتة سببها إصرار رئيس الحركة عبد الرزاق مقري، على الترشح للإنتخابات، وهو قرار لايحظى بالإجماع الداخلي، حيث أن هناك عدة قيادات تفضل ترشح رئيس الحركة السابق أبوجرة سلطاني خلال هذا السباق. وسارع مقري، خلال اجتماع مجلس الشورى الأخير إلى تقديم نفسه كمرشح لقطع الطريق أمام تقديم أبوجرة للمنصب بشكل خلف غضبا وسط عدة قيادات، وهو مايهدد بتصاعد الأزمة الداخلية مع اقتراب موعد الرئاسيات. وحافظ رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، على تقليده برفض التحالف مع أي جهة في هذه المواعيد وأكثر من ذلك اتخد موقفا متشددا بالدعوة إلى المقاطعة مادامت فرص التنافس معدومة حسبه وهو الموقف الذي يشترك فيه مع عبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير الذي دعا هو الآخر إلى انسحاب من أعلنوا ترشحهم. ويعكس موقف مناصرة أيضا ضربة لمساعي الوحدة بين حزبه وحركة مجتمع السلم، والتي أطلقت منذ أشهر لكنها لم تفض إلى نتيجة معينة وقد تقضي الرئاسيات على كل الآمال بشأن قيام هذا التحالف أوالإندماج في وقت تلتزم قيادات محسوبة على الفيس المحل الصمت بشأن موقفها من الرئاسيات وتنأى بنفسها عن كل التحالفات والمشاورات الحاصلة في الساحة