من يتحدث عن بلدية عين فتاح أو (بوطراق) كما تعرف محليا، الواقعة على بعد 25 كلم من دائرة مغنية يتذكر حتما ما مرت به من رعب وخوف في سنوات الإرهاب، ويتذكر حظر التجوال المفروض أنذاك، الذي كان يقفل أبواب الحركة والحياة قبل السادسة مساء، لقد كانت من بين أكثر المناطق عرضة للأعمال الإرهابية، بل كانت معقلا لأخطر الإرهابيين، أحياء وقرى عين فتاح منها الإخوة مقلش، سيدي علي بن زمرة، تاوية، أولاد بلحسن كلها كانت مقبرة للعديد من ضحايا الإرهاب والقتل وزرع الرعب والتهديد في وضح النهار، ناهيك عن الدمار والخراب الذي خلف خسائر مادية معتبرة مست مؤسسات عمومية ومدارس تربوية اكتوت بنيران الفتنة فأضحت حطاما، دفع بسكانها إلى الرحيل بحثا عن مكان آمن ليبقى البارز فيها بذلك النمو الديمغرافي الذي شهدته خلال هذه الفترة بفعل ظاهرة النزوح الريفي التي شهدتها مداشرها وانعكاسات هذا على الواقع اليومي لسكان العديد من العائلات التي أنهكها الفقر بعد أن تعطلت عجلة التنمية بها، مما زاد من اتساع شبح البطالة وتفاقم المشاكل الاجتماعية. »السلام اليوم« نزلت بقرى ومداشر عين فتاح لأول مرة وفتحت صفحاتها لأبناء هذه المنطقة وفي مقدمتهم رئيس البلدية من أجل التعبير عن انشغالاتهم، كما سجلت آمالهم المعلقة على زيارة الوالي إليهم، معتبرين أن هذا حدثا تاريخيا سيكون بمثابة الخطوة الأولى نحو الرفاهية والحياة السعيدة. وفي لقاء مع مواطني هذه البقعة التي تحصي اليوم أكثر من 7000 نسمة، ورغم مخلفات الأزمة الدامية التي عاشتها بتفاصيلها المتعددة، هم اليوم أرادوا أن تكون عين فتاح رمزا للتسامح والأخوة، حيث أجمعوا كغيرهم على تحسين ظروفهم الاجتماعية وتدراك ما فاتهم للالتحاق بركب التنمية، خاصة على مستوى مناطقها الريفية، بعد أن وجدت نفسها رهينة التخلف رغم استفادتها من مشروع إعادة بناء ما خربه الإرهاب، باعتبارها إحدى البلديات النائية بولاية تلمسان المنبثقة عن التقسيم الإداري الجديد في سنة 1984. ولعل أكبر مشكل يشكو منه سكان البلدية مشكل السكن الذي أضحى كابوسا تعاني منه فئة المتضررين في ظل غياب برامج كافية لذلك، والتي تبقى رهينة حسب رئيس البلدية تسوية عقود الملكية وانعدام الأراضي التابعة للدولة مما حرم البلدية من الاستفادة من مشاريع السكنات الاجتماعية والتساهمية، واقتصرت الاستفادة على إعانات البناء الريفي المقدرة خلال السنتين الأخيرتين بحوالي 200 حصة، لأن البلدية كل أراضيها ملك للخواص، أي مشروع تستفيد منه عين فتاح إلا ويتم استدعاء المواطنين، وخاصة ملاك الأراضي، مضيفا في نفس السياق أن كل منشآت الدولة التي لا تبنى إلا عن طريق مساعدات من طرف المواطنين الذين يمنحون هذه القطع مجانا للدولة قصد تجسيد المشاريع المبرمجة عليها، هذا فيما ينتظر تأهيل الطرقات التي تعاني من الاهتراء الكلي وإعادة ترميمها قصد تشجيع سكان القرى والمداشر أكثر على العودة إلى منازلهم من خلال فتح عدة مسالك لتسهيل مهام تنقل الفلاحين، ليبقى النقل أحد المعوقات التي تنتاب المواطن يوميا رغم ضمان عدد من »الكارسانات« بخدمات ناحية مغنية، فيما ينعدم اتجاه الخطوط الأخرى للبلديات المجاورة. ولا بأس أن نعرج في حديثنا على قطاع الصحة، حيث اشتكى سكان المنطقة من عدم وجود طبيب دائم للبلدية، هذه الأخيرة التي تضم سوى 4 قاعات للعلاج منها اثنتان بمركزها وواحدة بسيدي علي بن زمرة والأخرى بقرية الإخوة مقلش، وأمام نقص هذه الخدمات يضطر سكان المنطقة قطع 25 كلم نحو مقر دائرة مغنية لإسعاف مرضاهم في كل مرة بالمستشفى المدني أمام انعدام سيارة إسعاف، خاصة النساء الحوامل، إضافة إلى المطالبة بفتح مقر للضمان الاجتماعي قصد تفادي تنقل المواطنين، خاصة منهم الشيوخ والعجائز عناء التنقل إلى دائرة ندرومة من أجل الحصول على التعويضات.