لا تزال الأندية الجزائرية التي دخلت عالم الإحتراف تعاني من أزمات مالية خانقة، مما جعلها تنتظر في كل مرة ما تجود به مساعدات السلطات العمومية، وهو في الحقيقة أمر يتنافى تماما مع قواعد وأهداف الإحتراف، حيث يتعين عليها البحث لوحدها عن موارد مالية لتغطية مختلف حاجياتها من تنقلات وعلاوات وغيرها، وذلك لكونها نزعت لباس الهواية وارتدت ثوب الإحترافية الذي يعني أنها أصبحت مؤسسات إقتصادية محظة تقوم بإنتاج الأموال وتسيير أمورها بنفسها، ولكن الواقع يكشف وجها آخر. حيث أن أغلبها إن لم نقل جميعها لا تتحرك دون أموال الدولة مع إتهامات متتالية لرؤساء تلك الأندية، دون أدنى حياء للسلطات لعدم تلقي المساعدات، رغم أن المشكل يكمن فيهم نظرا لجهلهم لقواعد الإحتراف وتسببهم في تجمد أسهم أنديتهم مما أدى إلى نفور المستثمرين. الأنصار سئموا”بريكولاج” رؤساء الأندية ومن جهة أخرى، لا يزال أنصار الأندية التي توصف بالكبيرة لا سيما شبيبة القبائل، مولودية الجزائر ووفاق سطيف ينتظرون بفارغ الصبر تجسيد وعود المستثمرين الأجانب، الذين أبدوا رغبتهم في استثمار فائض أموالهم في البطولة الوطنية، خاصة وأنها تحظى بمتابعة جنونية من قبل الجزائريين المولعين بالساحرة المستديرة، وهوالأمر الذي حفزهم أكثر على هذه الخطوة، ويعتقد هؤلاء الأنصار بأن المشكل الذي تسبب في تأخرهم يكمن في تعصب الرؤساء وخوفهم على مناصبهم، والدليل على ذلك هو العبارات التي يهتف بها الأنصار في المدرجات والتي يطالبون فيها رؤساء أنديتهم بالرحيل وترك المجال للمستثمرين، لا سيما أنهم مستعدون لضخ أموال ضخمة. ويواجه بعض الرؤساء لا سيما محند شريف حناشي وعمر غريب انتقادات لاذعة من الأنصار بسبب تراجع نتائج الشبيبة والمولودية، إذ أنهم متمسكون باحتكار التسيير ويعملون كل ما بوسعهم لقطع الطريق أمام أي مستثمر حتى لوكان محلي لا يضمن لهم استمرار مصالحهم، وهوما جعل العديد منهم يسارع منذ البداية إلى اقتناء غالبية أسهم النادي محاولة منهم للاحتفاظ بسلطة مطلقة. هذا ويراهن المستثمرون الأجانب كثيرا على جني أرباح معتبرة من الدوري الجزائري، نظرا لكون الأندية التي ينوون الدخول معها في هذه العملية الإقتصادية تملك قاعدة شعبية هامة تتوزع على كافة التراب الوطني، وهذا رغم أن المستوى الفني للبطولة لا يشجع على الإستثمار، حيث أن هذا الأمر جعل الشركات المحلية الكبرى تعزف عن الإستثمار فيه رغم مرور عام كامل على فتح رأسمال الأندية وتحويلها إلى مؤسسات ذات أسهم، ويخشى الأجانب أيضا من غياب مناخ ملائم لتطوير استثماراتهم خاصة مع هشاشة البنى التحتية للأندية التي تحتاج إلى تغيير جذري. البطولة تدخل موسمها الإحترافي الثاني دون أي تغيير ومن وجهة نظر بعض المتتبعين، فإن تهافت المستثمرين الأجانب على الدوري المحلي من شأنه أن يكرس فعلا قواعد الإحتراف في الأندية التي لا تزال تسير بعقلية الهواة، ولم يشعر أحد بأنها دخلت في هذا العالم من خلال بعض التصرفات والسلوكات سواء على مستوى الرؤساء أو اللاعبين أوالأنصار، حيث لم يتغير شيء في ثاني موسم بل تتعقد الأمور أكثر من خلال الأزمات المالية وتدني المستوى واستمرار العنف في الملاعب وغيرها، وبالتالي فإن مجيئ هؤلاء سيساهم في القضاء على هذه الظواهر، وقد استطاع مالك إتحاد العاصمة علي حداد رفقة مدربه الفرنسي هيرفي رونار إدخال نادي سوسطارة في الإحتراف ولو بنسبة قليلة، وذلك من خلال طريقة تقديم اللاعبين للجمهور وتنظيم الندوات الصحفية، في انتظار الأهم وهو إدخال الإحترافية في أذهان الجميع لتغيير العقليات نحوالأحسن والمساهمة في رفع مستوى اللعب، وكذلك القيام ببعض العمليات الإقتصادية التي تعود بالفائدة على الخزينة، مثل تسويق منتوج الأندية من بث تلفزيوني للمباريات وبيع أقمصة النادي، وصور لاعبيه وعقود إشهارية وغيرها من المسائل، وكذلك التسيير الإداري الذي لم يرق بعد إلى مستوى الإحتراف بدليل أن العاملين والموظفين في الكثير من النوادي لا يعتبرون سوى موظفين لدى الرئيس وليس عند النادي، وتجدر الإشارة إلى أن هناك ثلاث شركات أجنبية تعمل على الاستثمار في الجزائر واحدة إماراتية في وفاق سطيف والشركة الإيطالية ايديل بيليكانو مع مولودية الجزائر، والتي ستحل قريبا بالعاصمة لإنهاء الصفقة إضافة إلى الشركة القطرية للاستثمار مع شبيبة القبائل وهي نفس الشركة التي استحوذت على نادي باريس سان جيرمان الفرنسي وأعادت له الروح، ويراهن عليها حناشي لإعادة الكناري إلى السكة الصحيحة، ولذلك فقد تنقل إلى فرنسا للتفاوض مع مسؤولي الشركة.