أنهى أمس حسين آيت أحمد، رئيس جبهة القوى الاشتراكية مهام كريم طابو السكريتير الأول للحزب، واستخلافه بالأمين الوطني السابق علي العسكري، وجاء هذا التغيير الحاصل على رأس الأمانة الوطنية للأفافاس في أعقاب رسالة بعث بها آيت أحمد لأعضاء المجلس الوطني الذين حسموا المسألة في اجتماع لم يدم سوى ساعة واحدة من الزمن. وشكل هذا التغيير في قيادة الأفافاس مفاجأة وسط قواعد الحزب التي حرص كريم طابو على تشبيبها منذ توليه منصب الأمين الوطني الأول للحزب سنة 2004، وكان بذلك أصغر شخصية تقود حزبا سياسيا في الجزائر. وقالت مصادر من داخل جبهة حسين آيت أحمد أن هذا الأخير بعث برسالة تضمنت رغبته في إحداث تغيير على مستوى القيادة المركزية، الأمر الذي سهل من مهمة خصوم كريم طابو الذين حسموا مسألة تنحيته بالإجماع بعد نحو ساعة من افتتاح أشغال الدورة العادية للمجلس الوطني المنعقدة الخميس والجمعة الماضيين. وبدا كريم طابو الذي احتفظ بعضويته في الأمانة الوطنية للحزب، قلقا من القرار الذي أقدم عليه حسين آيت أحمد وتابعه عبر الفيديو من منفاه الاختياري بسويسرا، وقال طابو في تصريح مقتضب للصحافة أن القرار عاد كونه اتخذ من طرف رئيس الحزب حسين آيت أحمد طبقا للنظام الداخلي، وهذه -يقول- هي طبيعة العمل في حزب كالأفافاس. وكان خلاف حاد قد نشب بين قيادات موالية لكريم طابو وأخرى تحسب على الرعيل القديم للحزب، بالإضافة إلى خلافات حول التوجهات الإستراتيجية للتنظيم، ولما كان الرجل قد حصل على تزكية زعيم الحزب حسين آيت أحمد الموجود في منفاه الاختياري بسويسرا ، فقد استطاع طابو فرض وجوده رغم عديد الاحتجاجات التي شنها مناضلون يتهمونه بالاقصاء والتهميش ويطالبونه بالرحيل. ويعد من حسنات طابو حرصه منذ تزكيته من قبل آيت أحمد في مؤتمر الحزب الرابع المنعقد سنة 2008، حرصه على تطعيم التنظيم بالعناصر الشبابية فكان بذلك أول مسؤول على رأس حزب سياسي يستطيع تشبيب القاعدة النضالية ويستقطب فئات شابة في ظرف زمني قصير. وتزامنت إقالة طابو مع قرب نهاية ولايته على رأس أمانة الحزب، حيث سارت الأمور على غير ما كان متوقعا باستفادته من تمديد العهدة بقرار من حسين آيت أحمد، الذي يكون قد اقتنع بجدية مطالب المعارضة التي فعلت مؤخرا من تحركاتها واحتجاجاتها الداعية لإحداث تغيير قيادي على الأقل لإنهاء صراع دام قرابة سنتين. ويخشى آيت أحمد أن يكون لهذا الصراع تأثير سلبي على مستقبل الحزب وقدرته على خوض استحقاقات 2012. ويبقى التساؤل حول ما سيفعله الأمين الوطني الأول (الجديد، القديم) علي العسكري الذي سبق له وأن تولى المنصب ذاته سنة 2004 ويشغل حاليا منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية بومرداس، ويعرف بتوجه سياسي لا يقل راديكالية عن ذلك الذي ينتهجه سلف كريم طابو، إلا أن “كارزميته” وهدوءه في التعاطي مع المشاكل التنظيمية الطارئة داخل الحزب، تكون العامل الرئيسي الذي أقنع آيت أحمد وأعضاء المجلس الوطني للاستنجاد بخدماته في هذا الظرف، المتسم بسباق التموقع في الساحة السياسية في مرحلة ما بعد انتخابات 2012، بالرغم من أن الرجل ميال للمقاطعة أكثر من ميولاته للمشاركة في الانتخابات.