بورصة وول ستريت غرقت "وول ستريت" في ركود أعمق مع انحدار مؤشرها الرئيسي قرابة 500 نقطة عند الاقفال، لتحلق بانهيارات سبقتها اليها أسواق مالية أخرى عبر أوروبا وآسيا والخليج العربي، على رغم المساعي المحمومة من الزعماء والحكومات والسلطات النقدية في العالم، بلا رجاء حتى أمس، لإعادة الإستقرار والهدوء وسط أزمة ائتمانية طاحنة تتبخر معها مئات المليارات من الدولارات من السيولة. وبحث الرئيس الأميركي جورج بوش في الأزمة المالية العالمية مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيسي الوزراء البريطاني غوردون براون والإيطالي سيلفيو برلوسكوني. واتخذ وزراء المال في الدول ال27 للإتحاد الأوروبي أول اجراء عملي مشترك، اذ اتفقوا على زيادة الحد الأدنى من الإدخار الفردي الى 50 ألف أورو. ومضت بعض الدول أبعد من ذلك، فرفعت اسبانيا وبلجيكا واليونان وهولندا والنمسا قيمة الودائع المضمونة الى مئة ألف أورو. وعلى رغم هذه المساعي، استمر التخوف مخيماً. وزاد الأجواء قتامة تصريح رئيس مجلس الإحتياط الفيديرالي بن بيرنانكي بأن "المخاطر التي تحدق بالنمو ازدادت"، متوقعاً أن "يكون النشاط الاقتصادي ضعيفاً حتى نهاية السنة وما بعد"، مما يعني أن الأزمة ستستمر على الأقل حتى سنة 2009، على رغم خطة الإنقاذ الأميركية البالغة قيمتها 700 مليار دولار، وغيرها من الإجراءات القاسية، وآخرها اعلان الإحتياط الفيديرالي أنه سيشتري سندات خزينة للسماح للمؤسسات بضمان حاجاتها غير المتوقعة من السيولة. وساهم هذا الإعلان في دعم الأسواق المالية التي كانت تشهد تقلبات قوية غداة "الإثنين الأسود" أول من أمس في بورصات العالم، في ظل تضارب التصريحات والشائعات عن قيم السندات المصرفية التي ظلّ الكثير منها خاضعا لضغوط قوية تدفعه الى التراجع. غير أن بورصة نيويورك للأوراق المالية واصلت تدهورها، فتراجع مؤشر "داو جونز" بنسبة خمسة في المئة متراجعاً 508 نقاط ليستقر على 9447 نقطة، علماً أنه كان تراجع 370 نقطة أول من أمس أيضاً. كذلك انحدر مؤشر "ستاندارد أند بورز" بنسبة 5,73 في المئة وهوى مؤشر "ناسداك" بنسبة 5,80 في المئة. وفي لندن، سيطرت أجواء من الذعر على معظم المصارف البريطانية الكبرى ومنها "رويال بنك أوف سكوتلاند". ونفى مصرفا "باركليز" و"رويال بنك أوف سكوتلاند" معلومات بثتها هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" عن أنهما طلبا عملية إعادة رسملة خلال اجتماع للمصرفين وشركة "لويدز تي أس بي" مع وزير الخزانة اليستير دارلينغ. واضطرت مصارف أوروبية الى نفي أي حاجة الى رساميل، بعدما تراجع "بنك أوف أميركا" بنسبة 13,87 في المئة إثر اعلان زيادة راس ماله عشرة مليارات دولار. وأكد "دويتشه بنك" أنه لا ينوي زيادة رأس ماله، نافياً شائعات أدت الى هبوط أسهمه. واكدت باريس تعهدها منع افلاس أي مصرف، وقال رئيس الوزراء فرنسوا فيون: "قررنا ضمان استمرارية النظام المصرفي الفرنسي كاملاً". وخارج الإتحاد الأوروبي، أعلنت ايسلندا تأميم مصرف "لاندبانكسي" بعدما أممت مصرف "غليتنير". وشهدت آسيا جلسات تداول مضطربة. وأقفلت بورصة طوكيو على تراجع بنسبة 3,03 في المئة. وعمت أجواء الذعر الأسواق المالية العربية، فاقفلت سوق المال السعودية على تراجع بنسبة 7 في المئة وتراجع المؤشر الرئيسي في البورصة المصرية "كاس 30" بنسبة 16,47 في المئة. رابح بوغنة / نقلا عن جريدة النهار اللبنانية ليوم 08/10/2008