قبل أن توافق حكوماتنا العربية على ربطنا بشبكة الإنترنت و فتح مجالنا الجوي على تلفزيونات العالم كانت الإجراءات المعمول بها تسمح إلى حد كبير بالتحكم في مجال الإتصال ، كما كانت القوانين تجرم عملية النشر بدون رخصة حتى لو كان ذلك في إطار ضيّق جدا. و بموافقتها على دخولنا العهد الجديد كأن حكموماتنا أعلنت انتهاء مدة صلاحية الجزء الأكبر من التدابير و القوانين المذكورة. لكن و نظرا لكون هذا العهد أفقد الجهات الوصية جانب مهم من هامش التحكم في ميدان الإتصال و تبادل المعلومات كما أنه صار يهددها بفقد قدرتها المطلقة على صنع الرأي العام ..نظرا لذلك كثيرا ما كان الواحد منا يتساءل أو بالأحرى يتخوف من التدابير الجديدة التي يمكن أن تتخذها الحكومات لتدارك هذا العجز. و حتى أكون محددا فأنا لست أتكلم عن قدرة الحكومات على مراقبة المكالمات الهاتفية أو رسائل البريد الإلكتروني أو أي نوع من أنواع التدابير التي توجه ضد الأشخاص بل إني أتساءل عن الطرق التي تسمح لها ببسط سيطرتها على الإنفلات المعلوماتي و تمكنها من المحافظة على أدائها للدور الريادي في صنع الراي العام في أوساط جماهيرها. الواقع يقول بأن حكوماتنا لا تشعر بأنها دخلت منطقة الخطر الحقيقي بسبب هذا الوضع فهي ما تزال تملك القدرة على خوض بعض التجارب الموفقة في اختبار قدرتها على التأثير في الرأي العام ،نذكر منها على سبيل المثال الحملة التي نتجت بسبب كرة القدم بين الجزائر و مصر ،و تأكد قدرة حكومتي البلدين بأنهما تستطيعان أن تلعبان دورا رئيسيا في تجنيد الغالبية العظمى من الجماهير اللتان تمثلهما ،و بالتالي فالمشكل ما يزال تحت السيطرة. لكن ماذا لو سجل انفلات في مجال البث الجوي أمام الفضائيات الخاصة كما هو حاصل في مواقع بالإنترنت و سجل هذا الميدان الأخير التطور الذي يشهده قطاع الهاتف النقال .هل ستحتفظ حكوماتنا بنفس تلك القدرة ؟ التقارير التي يكتبها المختصون تؤكد في مجملها بأنه يوجد خوف رهيب في دوائر صنع القرار العربية و أن الكل يترقب ماذا سيسفر عن الصراع الدائر بين مؤسسات الدول الكبرى التي يسعى كل منها لفرض وجهات نظره و حماية مصالحه وسط هذا الطوفان الإعلامي الجارف. المقال الذي أقترحه عليكم الآن يلقي الضوء على الحرب الشعواء التي تخوضها الصين ضد الولاياتالمتحدة في هذا المجال و هو مقال أوحى لي بمجموعة من الملاحظات سأستعرضها في صفحة التعليقات.