مباراة الجزائر ، المغرب على أرض مراكش لن تكون كأي مباراة ، ولا مجرد 90 دقيقة إذا علمنا الخصوصيات و الأجواء التي تحيط بهذه الموقعة ، فبعيدا عن الحمى التي تميز الداربيات المغاربية ، سنوجه حديثنا نحو أمور تطفو فوق سطح هذه المبارة قبل انطلاقتها ، ستكون بدون شك المحك الذي ستلعب عليه مباراة شاءت حسابات المجموعة أن تجعلها أمام منعرج غاية في الصعوبة . مباراة الجزائر و المغرب التي ستلعب في خط واحد وبطموح مشترك بين عملاقين ، ستلقي بثقلها كاملة على اسود الأطلس الذين سيكونون أمام موعد لمعايشة ضغط رهيب طيلة 90 دقيقة ، ضغط من المفترض وحسب معطيات هذه الموقعة فإن المنتخب الجزائري في منأى منه ، إلا إذا أراده هو . ولعل البعض يتساءل لماذا الضغط على المغرب دون الجزائر ، ببساطة لأن المغرب مطالبة و بصورة أكثر من ملحة وعلى سبيل الإجبار أن تحقق النقاط الثلاثة كاملة ونتيجة غير ذلك يعني الخروج من المنافسة ولو انه بشكل غير رسمي بإعتبار أن اسود الأطلس سينتظرون قادما أصعب بعد مبارة الجزائر ، عندما يتحولون خاصة لتلك المباراة التي سيلعبونها على ارض بارثليمي بوغاندا بجمهورية إفريقيا الوسطى ، هذا الأخير الذي اكتسح الجزائر بثنائية نظيفة ويبقى رأس هرم الترشيحات في مجموعة مازال الكل فيها يتساوى بالنقاط بعد ثلاثة جولات . المنتخب المغربي هو الذي سيكون تحت هول الضغط لأنه سيلعب على أرضه و أمام أعين جماهيره ، فعاملي الأرض و الجمهور الذي يعتبر من اكبر نقاط قوة أي فريق مستضيف ، لكنه في مثل هذه المباريات بالضبظ ومع المنتخب المغربي ليس كذلك ، لأن أسود الأطلس وحسب تاريخها الكروي أكثر تعثراتها كانت في ميدانها و أمام جمهورها و أكثر انتصاراتها خارج القواعد ، الأمر الذي يؤكد لنا أن المغرب لا يحسن التعامل بالواقعية في المباريات التي يلعبها على أرضه و أمام جمهوره ، وعلى ذكر الملعب فإنه من المهم الإشارة أن الأسود لأول مرة سيخوضون مباراة رسمية على ارض ملعب مراكش ، هذا الملعب الذي افتتح حديثا ، فاللاعب المغربي سيجد نفسه يخوض مباراة مصيرية أمام الجزائر في ملعب لأول مرة يطأ أقدامه بالرغم انه في عقر الديار ، عامل له أثره البالغ في نفسية اللاعب . معطيات و غيرها تجعل المنتخب المغربي في وضعية جد حرجة من اجل الخروج من عنق الزجاجة و مواصلة مشواره الإفريقي بأكثر أريحية . المنتخب الجزائري الذي سيدخل هذه المبارة وهو منتشي بفوزه الأخير على المغرب الغير مقنع يريد تكرار السيناريو و العودة بكامل الزاد من خارج القواعد أو تفادي الخسارة على الأقل ، المنتخب الجزائري الذي يبقى يتذيل ترتيب المجموعة بفارق الأهداف رغم تساويه في النقاط مع المتصدر ، سيدخل مبارة المغرب بحظوظ وافرة جدا وبعيدا عن أي ضغط من شأنه أن يصنع مفاجأة غير سارة لكتيبة عبد الحق بن شيخة . المدرب الجزائري بن شيخة وفي كلامه قبل المواجه عبر وبلهجة صريحة وواثقة انه سيرد على غيريتس فوق الميدان وان مواجهة المغرب بمثابة نهائي ، تصريح في مثل هذا الموقع يأتي أكيد على أوتار المعركة النفسية التي يتفنن في عزفها الطرفان ، مع أننا افتقدناها منذ فترة طويلة في عهد سعدان الذي كان يتحاشى مثل هذه التصريحات ربما خوفا أو عدم ثقة ، وهي نقطة تحسب لبن شيخة الذي يوجه تصريحاته من خلال واقعية المبارة دون أي عقدة . مباراة من هذا النوع يخطأ من ينتظر منها أن تحمل معها متعة كروية ، لأن الجانب الفني في مثل هذه المواجهات يكون غائبا ومغيبا نظرا لخصوصية المواجهة ، لذلك ستكون مبارة الجزائر، المغرب ، مبارة تكتيكية محضة ، مبارة مدربين ، والمدرب الذي يقف عند أهم فجوات فريقه وفريق الخصم يمكنه صناعة الفارق . بن شيخة إن كان من الحنكة بما كان سيتفطن إلى أن أهم ما يعاني منه المنتخب الجزائري هو انعدام الانسجام بين الخطوط الثلاثة وغياب نسق لعب حقيقي للمنتخب الجزائري ، بن شيخة سيجد نفسه مضطر بدخول المبارة بنفس التشكيلة التي لعبت مبارة الذهاب نظر للخيارات المحدودة ، ولو أن الحلول التكتيكية هي التي يجب أن يركز عليها بن شيخة أكثر من أي شيء أخر . فإذا كان الكل يجمع على أن مواجهة المغرب هي أصعب المواجهات للخضر ، فأقول لهم ليس تماما ، بل المنطق الكروي ومعطيات هذه المبارة قبل انطلاقتها تضع الخضر أمام مواجهة ليست بالسهلة لكنها في المتناول ومهما بلغت صعوبتها لن تكون أصعب من ما ينتظر الخضر مستقبلا ، من مبارة تنزانيا في ملعب هذه الأخيرة و مبارة إفريقيا الوسطى التي تتصدر المجموعة لحد الآن بفارق الأهداف . إذن مبارة المنتخب الجزائر و نظيره المغربي ستلعب على جبهتين ، البدنية و التكتيكية و المدرب الذي يعرف كيف يفرض هذا المنطق هو الذي سيفرض كلمته في المباراة . [email protected]