أصبحت تربية الكلاب موضة العصر عند الشباب في العديد من الأحياء الجزائرية، فبعدما كانت الظاهرة مقتصرة على أصحاب المنازل الواسعة والفيلات، ها هي اليوم تصل إلى المجموعات السكنية، العمارات وشرفات المنازل، دون أن يبالي المربون بالإزعاج الذي تسببه كلابهم للجيران، كصوت النباح والفضلات والروائح الكريهة، إذ أصبح الشباب والمراهقون يتباهون بامتلاك كلب ويمشون به في الشوارع، دون مراعاة المحيط الذي يعيشون فيه ولا من حولهم. عتيقة مغوفل أثارت حادثة وفاة الطفل بعضة كلب في الباخرة المحطمة ببلدية برج الكيفان، استياء الكثير من أولياء الأمور، الذين باتت تؤرقهم ظاهرة انتشار الكلاب الظالة في الشوارع، فقد وصل الأمر بالشاب الجزائري اليوم إلى حد التباهي بامتلاك أفضل كلب، فأصناف (البيتبول) و(الرود فيلر) هي أخطر الكلاب الموجودة حاليا والمرغوبة كثيرا، وتشهد الظاهرة انتشارا واسعا في الآونة الأخيرة خاصة في الأحياء الشعبية، أين أصبح البعض يستعملها كسلاح للدفاع عن النفس وهو ما وقفنا عليه من خلال جولة استطلاعية. في جولة مسائية قادتنا من حي(باب الوادي) إلى غاية القصبة لاحظنا أن المنافسة على أشدها بين الشباب فمن يمتلك أفضل وأقوى كلب وأحسنهم صنفا من أجل التباهي أمام الأقران واستعمالها في الاعتداء على الغير، ولكن ومن جهة أخرى فإن البعض الآخر يهوى تربية هذا النوع من الحيوانات من باب الهواية فقط لا أكثر ولا أقل. أهوى تربية الكلاب...والبيتبول نوعي المفضل أول الشبان الذين التقيناهم من أجل إنجاز موضوعنا كان نبيل الذي يهوى تربية هذا النوع من الحيوانات على حد تعبيره، كان رفقة كلبه بحي باب الوادي، في بادئ الأمر ترددنا في التقرب منه إلا أنه أكد لنا بأن كلبه مروض ولا يهاجم الأشخاص إلا بأمر منه، قبل أن يقوم بوضع (كمامة) في فمه، ومباشرة بعدما كشفنا عن هويتنا وعن موضوعنا خاطبنا قائلا (اشتريت الكلب قبل حوالي ستة أشهر من الآن، وكان حينها صغيرا جدا وهذا من أجل أن يتعوَد عليَ)، وعن سبب تربيته لهذا (البيتبول)، قال إنه يهوى تربية الكلاب وليس لديه هدف من وراء ذلك فالبيتبول بالنسبة إليه أحسن نوع في صنف الكلاب، واصل الشاب حديثه قائلا (منذ نعومة أظافري أعشق هذا الصنف من الحيوانات، وهو ما جعلني أشتريه وأقدم على تربيته، ويمكن القول أنه أصبح بالنسبة لي أكثر من صديق فقد ألفته بشكل غير طبيعي)، موضحا أنه وجد صعوبة في إقناع والدته بتربيته في بادئ الأمر إلا أنها وفي الأخير، رضخت وأصبحت الآن تساعدني في إطعامه عند غيابي عن المنزل). كلبي أفضل من 1000 صديق يحميني ويطيع أوامري لكن فكرة تربية الكلاب تختلف من شخص لآخر وذلك حسب اختلاف العقليات والذهنيات في الأحياء الشعبية، ويعرف حي باب الوادي انتشارا واسعا للكلاب، صادفنا شاب كان جالسا إلى جانب كلبه من نوع (رود فيلور)، أشرنا إليه بيدنا حتى يقترب إلينا فلبى النداء، وعندها قلنا له أننا بصدد إجراء استطلاع حول سر تعلق الشباب الجزائري بالكلاب، فرد منفعلا (كلبي أفضل من ألف صديق، وجدته في وقت الضيق، فهو يسمع كلامي ويطيع أوامري، كما أنه يوفر لي الحماية) قبل أن يضيف بأنه يلقى الاحترام من طرف أقرانه بالحي منذ أن كبر كلبه الذي قال عنه (أحضرته صغيرا وكنت أرضعه الحليب بالقنينة، أعالجه وألقحه وعندي دفتره الصحي، وهو لا يفارقني أبدا) ما جعل أبناء الحي يلقبونني بموح الرودفايلر . النباح والفضلات يسببان الإزعاج للجيران بعد الحديث مع أصحاب الكلاب انتقلنا إلى معرفة رأي بعض الجيران في ظاهرة تربية الكلاب في العمارات، التقينا السيدة (نصيرة) قالت وهي منزعجة (شباب اليوم يفعل ما يشاء دون مراعاة لأي أحد، في السابق لم تكن الكلاب تربى في العمارات واليوم أصبحت موضة الكلاب تنبح في الشرفات، وأضافت انظري إلى العمارة كيف أصبحت قذرة بفضلات الكلاب وناهيك عن صوت النباح المزعج وأهاليهم لا يهمه الأمر، أولادهم يربون الكلاب وهم لا يحاولون حتى تنظيف تلك الفضلات في الحقيقة، أرغب في الرحيل من هذا الحي الذي امتلأ بكل أنواع الكلاب حتى الخطيرة منها والتي يجب أن تكون ممنوعة من التجول في الشوارع.