بقلم: محمد قروش أصبحت الثورة الهائلة التي تشهدها تكنولوجيات الاتصال الحديثة تشكل هاجسا كبيرا للمختصين والمحللين وحتى للمجتمعات والسلطات، خاصة فيما يتعلق بجوانب الأثار الخطيرة التي تخلفها هذه التكنولوجيات في الأوساط الاجتماعية والفكرية والأخلاقية، حيث أصبح الكثير من المختصين ينادون بضرورة وضع استراتيجيات للتحكم في هذا الأخطبوط الذي امتدت أذرعه ليتحكم في كل فئات المجتمع ويؤثر عليها بشكل خطير. فالأنترنت وشبكاته العنكبوتية أصبحت اليوم واقعا رهيبا يموج بمختلف أصناف الكتابات والصور والتسجيلات التي لا حدود لها، والتي تنقل الإنسان في لحظات قصيرة إلى عوالم وبحار متلاطمة من الأفكار والثقافات الوافدة من مختلف أصقاع الكرة الأرضية، وهي أفكار وثقافات فيها المفيد وأغلبها هدام ومدمر، خاصة بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية مثل الجزائر. المختصون يؤكدون أن تكنولوجيات الاتصال الحديثة تحولت إلى شيطان كبير يستحوذ على عقول وقلوب ونفوس البشر مثلما يتلبس الشيطان بالإنسان فيجعله يتخبط من المس، إلى درجة أن كثيرا من جرائم الأخلاق والقتل والسرقة و لاحتيال أصبحت تجد أسبابها ومبرراتها النفسية والتربوية والاجتماعية في هذه الشبكة الشيطانية التي لم ينج من أثارها الكبار والصغار والرجال والنساء حسب ما تثبته الإحصاءات الحديثة. وقد دفعت هذه المخاطر التي أصبحت تعيشها الشعوب والمجتمعات بكثير من الدول إلى وضع استراتيجيات وقائية ومخططات أمنية وصلت إلى إنشاء أجهزة أمنية وقضائية لمحاربة الجريمة الالكترونية العابرة للقارات، والتي أصبحت كل يوم تخلف عددا كبيرا من الضحايا، خاصة من فئات الشباب حتى وصلت إلى الأحداث الصغار، حيث ساهمت هذه التكنولوجيات وبشكل خطير في تفكك المجتمعات وتدهورها الفكري والنفسي والأخلاقي وحتى السياسي والاقتصادي. والجزائر كغيرها من الدول العربية والإسلامية تعاني اليوم من هجمة شرسة تستهدف مقدراتها البشرية، خاصة الشبابية منها التي أصبحت تتعاطى مع هذه التكنولوجيا بشكل سلبي زاد من تدهور المجتمع الاجتماعي والأخلاقي والتربوي والثقافي، وأصبح خطاب التطرف وصور المواقع الإباحية والمخدرات التكنولوجية سمة سائدة في أوساط مجتمعنا دون رقيب أو حسيب. وقد دفع هذا الواقع كثير من المختصين والأئمة والمثقفين إلى دق ناقوس الخطر ومطالبة الدولة باتخاذ إجراءات صارمة لمراقبة وحجب كثير من المواقع، خاصة المتطرفة والإباحية والمخدرة التي أصبحت تنخر جسد المجتمع أكثر مثل السرطان المنتشر وتشكل خطرا حقيقيا على أمن البلاد الثقافي والاجتماعي والأخلاقي. فمتى ستتحرك السلطات لوضع حد لهذا الشيطان المارد الذي يوشك أن يقضي على الأخضر واليابس ويفرخ أجيالا مفككة عقديا أخلاقيا ونفسيا واجتماعيا؟