للصيام فوائد صحية كبيرة لا يدركها العديد من الناس وذلك مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صوموا تصحوا)، فهو يقي من العديد من الأمراض على غرار بعض الأمراض الجلدية كما أنه يساعد على تخفيض نسبة السكر في الجسم، بالإضافة إلى أنه أحسن طريقة لإنقاص الوزن، ولكن ومن جهة أخرى قد يضر الصيام بالكثير من الناس على غرار بعض المرضى الذين يعانون من انخفاض نسبة السكر في الدم والذين يعانون من القصور الكلوي لذلك ينصح الأطباء بعدم الصيام بالنسبة لهاته الفئة من المرضى ولكن الكثير منهم يضربون نصائح الطبيب عرض الحائط ويصومون الشهر. عتيقة مغوفل أثبتت دراسة أنجزها الفريق الطبي لمصلحة داء السكري للمؤسسة الاستشفائية الجامعية مصطفى باشا، بالتنسيق مع مؤسسة الصحة الجوارية للقبة، أن نسبة 10 بالمائة من المصابين بالسكري يجازفون بحياتهم بإصرارهم على صوم الشهر الكريم، وذلك راجع لأسباب اجتماعية فالعديد منهم يخجلون من غيرهم وهم فاطرون في الوقت الذي يكون فيه الكثير صائمون، ومنهم من يدفعه الوازع الديني إلى إرغام نفسه على الصيام مع أن الله عزوجل رخص للمرضى أن يفطروا الشهر ولا حرج في ذلك.
غيبوبة وأزمات قلبية صيام مرضى السكري قد يعرضهم إلى الدخول في غيبوبة وكذا نوبات قلبية حادة، ومن بين الأشخاص الذين يحرمهم وضعهم الصحي من الصيام السيدة (دليلة) التي تبلغ من العمر 57 سنة مصابة بداء السكري، فالسكر عندها يرتفع حتى يصل إلى 4 غرامات، وحتى يتم ضبط السكري عندها وصف لها الطبيب حقنة الأنسولين كما أنه منعها من الصيام لأنه يضرها كثيرا، إلا أن هذه الأخيرة كل سنة لا تراعي إرشادات الطبيب وتحاول الصيام أكبر قدر ممكن من الأيام وأحيانا تفعل ذلك خلسة على أفراد عائلتها الذين يحاولون جاهدين منعها من الصيام خوفا على صحتها، وقد حاولت أن تصوم هذه السنة، وقد فعلت ذلك خلال اليوم الثاني من هذا الشهر، ففي اليوم الأول حرصت ابنتها قبل أن تخرج لعملها على تفطيرها ولكن في اليوم الموالي لم تراقب أمها إن فطرت أم لا، وهو الأمر الذي جعل السيدة(غنية) تصوم ولم تعان من أية أعراض في الفترة الصباحية، ولكنها في الظهيرة أحست ببعض التعب والإرهاق فخلدت إلى النوم قليلا حتى ترتاح، ولكن خلودها للراحة أدخلها في غيبوبة دون أن تشعر، فقد نامت لساعتين متتاليين حتى دخل زوجها للبيت حاول أن يوقظها لكنها لم تستيقظ ليعرف بعدها أن زوجته في غيبوبة فقام مباشرة بحقنها بحقنة الأنسولين، وبعد أن استرجعت وعيها أفطرت حتى تعتدل نسبة السكر في دمها التي انخفضت بشكل رهيب مما كاد أن يودي بحياتها. مرضى القصور الكلوي في خطر وعلى ما يبدو أن الصيام لا يضر فقط مرضى السكري بل من يعانون من القصور الكلوي أيضا، ومن بين هؤلاء السيد(جمال) البالغ من العمر42 سنة يعاني من قصور كلوي حاد منذ حوالي 10 سنوات لذلك منعه الطبيب من الصيام خصوصا وأن ساعات الصيام طويلة تصل إلى 16 مما قد يتسبب في جفاف كليتيه إذا لم يشرب الماء كثيرا، وهو الأمر الذي يصل به إلى ما لا يحمد عقباه، ولكن ورغم أنه يعلم بالخطر المحدق به من الصيام وتحذيرات الطبيب إلا أن هذا الأخير لا يبالي بكل هذا، وقد حاول الصيام هذه السنة رغم أن زوجته حذرته إلا أنه عزم على الصيام، وقد قام خلال السحور بشرب دوائه بالإضافة إلى شرب كميات كبيرة من الماء ظنا منه أن كليتيه لن تتأثران، وصام السيد(جمال) وذهب إلى عمله بشكل عادي، إلى أن بلغت الساعة الثانية بعد الزوال وبينما كان نازلا من إحدى الحافلات في العاصمة شعر بدوار حاد لدرجة أنه أغمي عليه وسقط، ليسعفه الناس بعد ذلك إلى مستشفى نفيسة حمود على جناح السرعة، وحين استيقظ جمال وجد نفسه ملقى على أحد أسرة المستشفى وبيده المصل، وحين سأله الأطباء عن حالته الصحية أخبرهم أنه يعاني من عجز كلوي وخالف أوامر طبيبه وحاول الصيام، ليقوم الأطباء المسعفون بعدها بتوبيخه بطريقة شديدة لأنه كاد أن يفقد حياته وييتم أولاده بسبب تعنته.
الشريعة ترخّص الفطر لذوي الأمراض المزمنة وحتى نعرف حكم الدين في المرضى الذين يصرون على الصيام رغم أن أطبائهم ينصحونهم بعدم الصيام، إلا أن الوازع الديني لديهم يجعلهم يصومون إلى درجة أنهم يجازفون بحياتهم من أجل ذلك، ربطت(أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالشيخ الأمين ناصري إمام مسجد الفتح بالشراقة، الذي أكد لنا بدوره أن الشرع الإسلامي أجاز للمريض الإفطار في شهر رمضان إذا كان الصوم يضره أو يشق عليه، أو كان يحتاج إلى علاج في النهار بأنواع الحبوب وبعض الأدوية، وذلك ما جاءت به الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث كقول النبي عليه الصلاة والسلام(إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته)، من جهة أخرى وضح الشيخ أن أخذ الدم من الوريد للتحليل أو غيره فالصحيح أنه لا يفطِر الصائم، لكن إذا كثر فالأولى تأجيله إلى الليل، فإن فعله في النهار فمن الأفضل له أن يقضي يومه تشبيها بحكم الحجامة، كما أوضح لنا الشيخ أن هناك أصنافا من المرضى الذين يرخص لهم الإفطار من عدمه، فهناك بعض الأمراض التي لا تتأثر بالصيام مثل الزكام اليسير أو الصداع اليسير ووجع الضرس، فهذا لا يحلُ له أن يفطر ولكنه أن كان يتأثر بشكل كبير يؤذن له الفطر ولكن في الغالب وجب عليه الصوم أفضل، أما الصنف الثاني من المرضى إذا كان يشق عليهم الصوم ولا يضرهم، فهؤلاء يكره لهم أن يصوموا ويجوز لهم أن يفطروا، أما الصنف الثالث من المرضى فهم أولئك الذين يشق عليهم الصوم ويضرهم، كرجل مصاب بمرض الكلى أو مرض السكر وما شابه، ذلك ويضره الصوم فالصوم عليه حرام، ولكنهم يأبون أن يفطروا، فهؤلاء قد أخطأوا حيث لم يقبلوا كرم الله ولم يقبلوا رخصته وضروا بأنفسهم وهو أمر محرم شرعا فلا ضرر ولا ضرار وحفظ النفس في الدين أولى من حفظ الدين نفسه.