الظاهر أن مهرجان كان السينمائي قد خلع عنه قبعة السينما ولبس قبعة السياسة وتصفية الحسابات التاريخية، وإلا فبماذا نفسر حرمان فيلم »خارجون عن القانون« من الحصول على أي جائزة، مع أنه حاز إعجاب النقاد وكثير من أفراد الأسرة الإعلامية في فرنسا قبل الجزائر؟! كان الأمر سيبدو عاديا جدا؛ فكثيرة هي المهرجانات التي تخرج منها السينما الجزائرية خالية الوفاض بلا تتويج أو حتى نصف تتويج، لولا أن الفيلم الذي فاز بالجائزة الكبرى للمهرجان، وهي ثاني أهم جائزة بعد السعفة الذهبية، هو فيلم مسيئ للجزائر، ينقل رواية مقتل رهبان تيبحرين بالمدية من زاوية مغرضة، تمس بصورة الجزائر، وهو ما يؤكد أن في الأمر ألف إنّ وألفين من أخواتها! ما معنى أن »تعاقب« لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي فيلم »خارجون عن القانون«، فتخرجه من دائرة الجوائز العديدة رغم أن العديد من المتتبعين رشحوه للفوز حتى بالسعفة الذهبية؟! وما معنى أن يتم في المقابل تكريم فيلم يسيئ للجزائر في مهرجان دأب على محاولة الظهور بمظهر الابتعاد عن الحسابات السياسية؟! قد يكون أعضاء لجنة تحكيم هذا المهرجان استمعوا إلى أصوات الحركى والمتطرفين في فرنسا، وصدقوا هؤلاء، الذين زعموا أن فيلم رشيد بوشارب يحرّف بعض وقائع التاريخ، بينما لم يقدم إلا جزءا من حقيقة بشاعة الاستعمار الفرنسي، وقد كان أولى بهؤلاء الأعضاء أن يسمعوا ويصدقوا الأصوات التي أشارت إلى المغالطات التي حفل بها الفيلم الفرنسي »رجال وآلهة«، الذي حاز جائزة المهرجان الكبرى، وكان حريا به الفوز بجائزة »التخلاط« الأولى! ويبدو أنه لم يعد هناك من داع لنشعر بالعجب ونحن نتابع منح تتويجات وجوائز عالمية شهيرة لغير مستحقيها، فلا غرابة أن »يتشبه« مهرجان كان الشهير بجائزة نوبل الأشهر التي باتت تُمنح في السنوات الأخيرة بطرق تثير السخرية إلى حد أن جائزة نوبل للسلام مُنحت العام الماضي لرئيس أكبر دولة تصنع وترعى الحروب في العالم، فهل نلوم »كان« بعد الذي فعلته "نوبل"؟!