رأت صحيفة "الغارديان" البريطانية أنّ تداعيات الاحتجاجات السورية على المنطقة ستكون ضخمة وفي حال سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، ستَنْهار تحالفات المنطقة. وأوضح الكاتب البريطاني باتريك سيل أنّ الرئيس السوري ليس الوحيد الذي يشعر بقلق وهو يراقب الاحتجاجات؛ فتغيير النظام هناك سيعيد تشكيل الشرق الأوسط. وأكّد أنّه "إذا ما عجز النظام السوري عن إعادة تأكيد سلطته، وتَمّ إسقاطه أو مجرد إضعافه بفعل فترة ممتدّة من الاضطرابات الشعبية فإنّ التداعيات الجيوسياسية لذلك الانهيار ستكون جمة". ويشير سيل إلى أنّ "حلفاء سوريا كإيران وحزب الله وحماس سيُؤلّمهم فقدان الدعم السوري، وهذا سيشعر إسرائيل برضَى كبير، إلا أنّ مشاعر الرضَى هذه قد تخف قليلاً إذا ما حلّ محل الأسد نظامٌ إسلامي يكون أكثر تهديدًا لمصالحها وأمنها". كما توقّع أن تبتعد مصر ما بعد مبارك عن إسرائيل، وتعود ثانية إلى المعسكر العربي، بينما يتهدّد الخطر تحالف سوريا مع إيران، وقد تشمل التغييرات على الخريطة الجيوسياسية- في نظر سيل- ظهور تركيا كلاعب مستفيد تعزّز علاقاتها التجارية ويكون لها دور في حل النزاعات. ومن هذه التغييرات أيضًا تعافِي العراق البطيء كقوة عربية كبرى من الدمار الذي ألحقه به توني بلير وجورج بوش والمحافظون الجدد في الولاياتالمتحدة. حسبما ذكرت "بي بي سي" نقلاً عن الصحيفة. ويرَى الكاتب أن إيران والعراق اللذين خاضَا حربًا ضروسًا في الثمانينيات من القرن الماضي قد يتقاربان تحت قيادة شيعية، ويشكلان معًا كتلة ذات بأس، وستبدو الاستثمارات الأمريكية الرهيبة بالمال والأموال في حرب العراق بلا طائل أكثر من أي وقت مضى. غير أنّ سيل يرى أن هناك تحالفات ستظل على حالها، فمع انتهاء الأزمة ستظل تركيا تعمل على تنمية صداقتها مع سوريا مهما كان النظام الحاكم فيها؛ لأن سوريا ستظل محورًا رئيسيًا في السياسة العربية الطموح لتركيا. وقد تحلّ تركيا في الحقيقة محل إيران كالحليف الرئيسي لدمشق. ويختم الكاتب مقاله بالقول: إنّ موجة الاحتجاجات التي تجتاح العالم العربي قد دفعت بالنزاع العربي الإسرائيلي إلى الصف الثاني من الاهتمامات، إلا أنّ ذلك قد يكون مؤقتًا. وحتى يتم حل هذا النزاع فإنّ المنطقة لن تشهد استقرارًا أو سلامًا فعليًا.