إذا كان المونديال فرصة لإشباع شغف وهوس الجماهير الغفيرة بكرة القدم في كافة أنحاء العالم، فإنه من ناحية أخرى فرصة لاكتشاف العديد من المظاهر الجديدة، والانفتاح على عدد من الثقافات الأخرى، ولعل أبرز ميزة يجلبها المونديال معه، هي بعض أشكال الموضة فيما تعلق بتسريحات الشعر ولونه وبعض الإكسسوارات وطريقة ارتداء الملابس وغيرها، وهي الموضة التي يروج لها بشكل خاص نجوم الكرة المستديرة أيا كانت الفرق التي يلعبون فيها. فنظرا للشهرة الكبيرة والواسعة التي يكتسبها نجوم كرة القدم، فإن لهم ملايين المعجبين خاصة من الأطفال والمراهقين عبر كافة أنحاء العالم، من يحرصون على التشبه بهم، وتقليدهم في كل ما يقومون به، وبصفة أساسية في مظهرهم الخارجي، إلى وقت قريب جدا كانت تسريحات لاعبي ونجوم الكرة الأوروبية تصنع الحدث، في أوساط العديد من عشاق الموضة وعشاق نجوم كرة القدم، إلا أنه ومع ظهور الجيل الجديد من لاعبي المنتخب الوطني وأغلبهم شبان في العقد الثاني من العمر، جعل أطفال ومراهقي الجزائر يوجهون الأنظار إليهم، خصوصا مع التعلق الكبير والحب الجنوني الذي نشأ بين الأنصار وبين محاربي الصحراء وولع الكثيرين بهم نساء ورجالا، كبارا وصغارا. وإذا كان الأمر بالنسبة لبعض الكبار لا يثير لديهم أية رغبات للتقليد واتباع نفس طريقة تسريح شعرهم أو ارتداء بعض أنواع الإكسسوارات التي يرتدونها فإن الأمر معاكس تماما بالنسبة لبعض المراهقين والأطفال، الذين صاروا يرون في لاعبي المنتخب الوطني مثلهم الأعلى وقدوتهم الأولى، إلى درجة أن اهتمامات الكثير من الأطفال بشأن مستقبلهم اتجهت ناحية احتراف كرة القدم، فيما كانت في الماضي القريب فقط متركزة حول الطبيب والطيار والأستاذ والمحامي وغيرها، ما يؤكد من جهة أخرى التأثير الكبير والجلي الذي يمارسه محاربو الصحراء على عشاقهم من الصغار في الجزائر. ويمكن ملاحظة اتجاه الكثير من الشبان والمراهقين والأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ال13 وال18 سنة إلى صبغ شعرهم بالأصفر تشبها بعدد من نجوم المنتخب الوطني -هذا بعد أن كان نجوم الكرة العالمية هم المرجعية الأولى لبعض المراهقين في الجزائر فيما يخص الموضة، ولكن ليس بهذا الشكل الجنوني، ومن أكثر اللاعبين إثارة في الفريق الوطني وأكثرهم تأثيرا أيضا على المراهقين والشبان في الجزائر بتسريحات شعرهم واكسسواراتهم الحارس الأول لعرين الخضر فوزي شاوشي واللاعب حسان يبدة، واتجاه البعض الآخر منهم إلى ثقب آذانهم ووضع أقراط فضية صغيرة مثل الكثير من نجوم الخضر كذلك ككريم زياني، وقد راجت موضة وضع هذه الأقراط الفضية الصغيرة أو متوسطة الحجم أو حتى الكبيرة منها بصورة واسعة بين مراهقينا في كل مكان مؤخرا، سواء كان الأمر متعلقا بأبناء الأحياء الراقية أو أبناء الأحياء الشعبية، أو حتى أولئك الذين لا علاقة لملابسهم أو هندامهم الخارجي بالموضة نهائيا، وكذا رغم اعتراض بعض أولياء الأمور على هذه الأقراط، على اعتبار أنها وسيلة للزينة خاصة بالفتيات، إلا أن استخدامها من طرف لاعبي كرة القدم جعلهم غير قادرين على منع أبنائهم من تقليدهم، خاصة مع الحب الكبير الذي يكنونه لهم. وتعرف قصة ولون شعر فوزي شاوشي مؤخرا رواجا كبيرا في أوساط الأطفال والمراهقين، حيث اتجه الكثير منهم إلى قص كامل شعرهم والاحتفاظ بجزء صغير منه مع لون أصفر، وقد ساهمت الشعبية الكبيرة التي حظي بها فوزي شاوشي بعد ما قدمه في ملحمة أم درمان في تعلق الكثير من الأطفال والمراهقين به، خاصة مع المستوى الرائع الذي يقدمه من مباراة إلى أخرى بانتظار تألق محاربي الصحراء أكثر في مونديال جنوب إفريقيا، من جهة أخرى تشهد مختلف أربطة اليد التي تحمل شعار »معاك يا الخضرا ديري حالا« رواجا كبيرا بدورها، وتعتبر من أكثر ما يرتديه محاربو الصحراء في جميع مبارياتهم.