أعلنت الحكومة السودانية أن جيش الخرطوم استعاد السيطرة على مناطق حدودية كانت قد وقعت تحت سيطرة جيش جنوب السودان في وقت سابق إثر تجدّد الاشتباكات بين قوّات البلدين أثارت قلق المجتمع الدولي الذي دعا الطرفين المتنازعين إلى ضبط النّفس تفاديا لانزلاق أمني· وشهدت العلاقات بين السودان والدولة الوليدة جنوب السودان منذ الاثنين الماضي تصعيدا أمنيا على إثر اندلاع اشتباكات بين جيشي البلدين على المناطق الحدودية واتّهامات متبادلة بشنّ جيشي البلدين لهجمات وقصف على البلد الآخر· وأعلنت الحكومة السودانية أن جيش الخرطوم استعاد السيطرة على مناطق حدودية كانت قد وقعت تحت سيطرة جيش جنوب السودان· وأكّد وزير الدفاع السوداني الفريق أول ركن عبد الرّحيم محمد حسين سيطرة قوّاته الكاملة على الأوضاع بمنطقة (هجليج) النّفطية المتنازع عليها بجنوب كردفان والتي تعرّضت لهجوم دولة جنوب السودان، مستغربا أن يتمّ هذا الهجوم في ظلّ ترتيبات كانت تجري لزيارة الرئيس عمر البشير إلى جوبا· ووصف وزير الدفاع السوداني الخطوة بأنها (تمثّل ضربة قاصمة لجهود تطبيع العلاقات بين البلدين)، مضيفا في حديث لفضائية (الشروق) السودانية بثّته اللّيلة قبل الماضية أن (هجوم قوّات الحركة الشعبية ومرتزقة دارفور نسف إمكانية اتفاق وقف العدائيات بين الجانبين)· واعتبر عبد الرّحيم أن (أيّ مدخل للسلام بين بلاده وجنوب السودان يجب أن يكون من خلال وقف العدائيات والترتيبات الأمنية)، قائلا إنه (لا يمكن الحديث عن اتفاق حول البترول أو خلافه بمعزل عن وقف العدائيات)· وكان رئيس جنوب السودان سالفاكير اتّهم قبل ذلك (الخرطوم بمهاجمة بلاده من خلال قصف مواقف وشنّ هجمات برية في أهليلج)· وتأتي الاشتباكات بين السودان وجنوب السودان في وقت أظهر فيه الجانبان إشارات على التفاهم، إذ اتّفقا على عقد قمّة لرئيسي البلدين في 3 أفريل المقبل في جوبا عاصمة جنوب السودان لبحث حل القضايا العالقة بين البلدين· واضطرّ الرئيس السوداني عمر البشير على إثر اندلاع المواجهات إلى تعليق زيارة له كانت مرتقبة إلى جوبا لعقد قمّة مع سلفا كير بشأن تلك القضايا، كما أثارت عودة التوتّر بين السودان وجنوب السودان قلقا لدى المجتمع الدولي الذي دعا الطرفين إلى ضبط النّفس ووضع حدّ للمواجهات على الحدود بينهما· ففي الأمم المتّحدة قال المتحدّث باسم المنظّمة الدولية مارتن نيسيركى إن (الأمين العام بان كى مون قلق جدّا من المواجهات العسكرية في منطقة حدودية بين البلدين ويدعو حكومتي السودان وجنوب السودان إلى الاحترام وتطبيق الاتّفاقات الموقّعة حول الأمن ومراقبة الحدود وأبيى) المتنازع عليها، داعيا الطرفين إلى (استعمال كلّ الآليات السياسية والأمنية القائمة لحلّ خلافاتهما سلميا). ودعا مجلس الأمن الدولي من جانبه حكومتي السودان وجنوب السودان إلى (وقف كلّ عملية عسكرية في مناطقهما الحدودية) بعدما أعربوا عن (قلقهم الشديد إزاء المواجهات العسكرية) بين الجانبين· وجاء في بيان تلاه السفير البريطاني مارك ليال غرانت الذي يترأس مجلس الأمن لهذا الشهر أن الدول الأعضاء ال 15 في مجلس الأمن يطلبون من كلا الدولتين (عدم القيام بأيّ مبادرة) من شأنها أن تهدّد أمن واستقرار الآخر· من جهته، دعا الاتحاد الإفريقي أمس الأربعاء الخرطوموجوبا إلى سحب قوّاتهما إلى مسافة عشرة كيلومترات عن الحدود بينهما كما نصّت عليه وثيقة وقّعها الطرفان مؤخّرا لتهدئة التوتّر السائد بينهما· وأعرب رئيس مفوّضية الاتحاد الإفريقي جان بينغ في بيان وزّعه الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا عن (قلقه الكبير) إزاء التصعيد على الحدود بين السودان وجنوب السودان بعد اندلاع اشتباكات وقصف جوي بين الجانبين· وقال بينغ إن هذا (التطوّر المؤسف) يحدث في فترة شهدت حالة من التفاؤل بعد توقيع الجانبين على اتّفاقيتين مهمّتين برعاية لجنة الوساطة التابعة للاتحاد الإفريقي وقبل زيارة مقرّرة للرئيس السوداني عمر البشير إلى جوبا وكان يتوقّع أن تعطي دفعة لحلّ كلّ المسائل المهمّة التي مازالت معلّقة بين الجانبين، وأكّد أن (الوسائل العسكرية لن تحلّ القضايا الثنائية وأن حلّ النّزاعات الحدودية يكون فقط من خلال الوسائل السلمية). كما دعا الاتحاد الإفريقي الدولتين إلى احترام (مذكّرة التفاهم بشأن عدم الاعتداء والتعاون) التي وقّعت بينهما في أديس أبابا يوم 10 فيفري الماضي، وأكّد أهمّية تهيئة الأجواء المناسبة لعقد القمّة المزمعة بين البلدين واستمرار المفاوضات حول قضايا ما بعد الانفصال·