غمرت مختلف الشوارع والأزقة طاولات عرض الأواني بمختلف أنواعها منها الخشبية والبلاستيكية والزجاجية والخزفية لكن من صنعت ديكورا جميلا هي الأواني الفخارية التي عرفت المرأة الجزائرية باستعمالها منذ أمد بعيد لاسيما في المناسبات الدينية على غرار رمضان كونها عادات توارثناها مند القديم وعرف استعمالها من طرف جداتنا كونها تضفي نكهة خاصة على الأطباق إلى جانب الديكور الجميل الذي تصنعه على موائد الإفطار. وعلى الرغم من إغراق السوق بأوان من دول أوربية وعربية إلا أن الطلب لازال مستمرا على تلك التحف العريقة التي تحمل لمسة خاصة نلتمسها من لونها البني الغامق وكذا من زخرفتها الجذابة التي تحكي العديد من الروايات، خاصة وأن مادتها الأساسية هي الطين، بحيث كانت تتفنن جداتنا في صنعها بأياديهن وتحضيرها للشهر الكريم في وسط الدار منها الطواجين والصحون والقدور ومختلف الأواني التي يتنوع شكلها ويكثر استعمالها في شهر رمضان المعظم من أجل إعداد طبق الشربة وكذا أطباق أخرى. وفي جولة لنا عبر بعض الأسواق التي ازدانت بحلة جميلة من مختلف الأواني ترأستها الأواني الفخارية، بحيث عمد الباعة على عرضها بالنظر إلى الطلب الكبير عليها خلال شهر رمضان من طرف النسوة ولم تخلف حضورها الأواني المتطورة التي ظهرت بشكل كبير وتنوعت، بحيث بقت الأواني الفخارية رمزا من رموز حضارتنا وعراقتنا. استوقفنا بعض النسوة للكشف عن سر التزامهن بحضور الأواني الفخارية من بين الكم الهائل من الأواني التي باتت تعرضها السوق فأجمعن على أنها عادة ملزمة تعبق برائحة زمان ورمضان في بيوت القصبة منهم الحاجة ميمي التي قالت إن تحضير الشربة في قدر من الفخار هو أمر ملزم لها، فهي لا تستعمل قدور الألومنيوم في رمضان وتعتمد كثيرا على الفخار في مطبخها سواء من حيث أواني تحضير الأطباق أو الأواني المستعملة في وجبة الإفطار التي لا تخرج عن صحون الفخار وملاعق الفخار ونجدها أنها تناسب أكثر مثل تلك المناسبات الحميمية التي تجمع أفراد الأسرة الواحدة على مائدة واحدة وتزيد أواني الفخار من رونق تلك الجلسات العائلية. السيدة نوال امرأة في مقتبل العمر قالت إنه على الرغم من الأنواع الكثيرة إلا أنها تنجذب إلى أواني الفخار كونها تراها أقرب للاحتفال بالمناسبات الدينية على غرار رمضان الذي تحضر فيه مثل تلك الأواني في كل بيت جزائري مهما تنوعت أشكالها وترى أنه على الرغم من انتشار مختلف الأواني المستوردة إلا أنها لم تنافس أواني الفخار التي باتت تظهر بألوان زاهية وزخرفة تُبهر لدقتها العيون ولم تعد تقتصر فقط على اللون البني بل ظهرت أشكال متنوعة منها تعتمد أساسا على الطين مما يضفي نكهة خاصة على الأطباق خاصة إذا ما تم طبخها فوق كانون الفحم على نار هادئة. وتبقى الأواني الفخارية الحاضرة الأولى على الموائد الجزائرية على الرغم من مزاحمة أنواع أخرى من الأواني على غرار الصينية منها التي ملأت الطاولات وعرفت ببخس أثمانها إلى جانب الأواني الإسبانية التي تعرف ارتفاعا في سعرها، إلا أن الذوق الخاص للنسوة الجزائريات يدفعهم إلى كل ما هو تقليدي نابع من العراقة الجزائرية الأصيلة.