حالة استثنائية تعيشها أغلب ولايات الوطن، فمنذ أزيد من 10 أيام والجزائريون ينامون وينهضون على وقع أحداث المونديال وانتظار الفرحة الكبرى بتأهل الفريق الوطني خلال مباراته الموعودة، وكانت الأعلام الوطنية الوسيلة الأولى للتعبير عن مشاعرهم بطريقة مميزة من خلال تعليقها في كل مكان، فمن البيوت مرورا بالمحلات وأيضا السيارات، فالعلم الوطني يحمل قيمة كبيرة لدى الجزائريين، فدماء الشهداء لا تزال عالقة به رغم مرور62 سنة من الاستقلال.. اغتنم بعض الشباب وعلى غرار أغلب المناسبات، هذه الفرصة من أجل الكسب السريع، فبين عشية وضحاها، تحولت العاصمة إلى سوق مفتوح للأعلام الوطنية، وهذه الموجة امتدت لتشمل حتى أصحاب طاولات بيع السجائر، فلقد أصبحت تجارة الأعلام الوطنية تحمل ربحا مضاعفا بالمقارنة مع بيع السجائر والتبغ.. فأينما وليت وجهك في العاصمة تقابلك طاولات تكسوها الأعلام الوطنية من كل الأحجام وبكل الأسعار، ورغم سوء الأحوال الجوية وموجة البرد القارس التي تجتاح العاصمة والعديد من الولايات، إلا أن هذه العوامل لم تمنع هؤلاء الباعة من عرض بضاعتهم، بل إن البعض منهم اختار التجول في الطرقات واستغلال الازدحام الكبير الذي يطبع مختلف المناطق بسبب سوء الطقس، والسعي مباشرة إلى البيع للسائقين وحتى ركاب الحافلات.. حملة الرايات الوطنية التي انطلقت منذ أزيد من عشرة أيام على خلفية احتقان العلاقات الجزائرية والمغربية وواقعة تدنيس العلم الوطني، تواصلت بشكل أكبر، بالتزامن مع مقابلة محاربي الصحراء، التي ينتظرها الملايين من الجزائريين في الداخل والخارج وحتى الأشقاء العرب للظفر بتذكرة الولوج إلى عالم المونديال.. ولم يكن أصحاب طاولات السجائر الوحيدين الذين استبدلوا سلعتهم بالأعلام الوطنية، وإنما العديد من التجار، فلقد تحول بعض بائعي الخضر هم كذلك إلى تجارة الأعلام الوطنية، فلقد وجدنا أن بعض الشاحنات هي الأخرى الخاصة ببيع الخضر تحولت إلى شاحنات لعرض الرايات الوطنية والألبسة الرياضية وكل شيء يخص هذا الحدث الوطني الأهم في حياة كل الجزائريين بلا استثناء.. الألوان الخضراء والبيضاء، طغت على كل الأمكنة بلا استثناء، فأغلب الأسواق الشعبية كانت مع الموعد من خلال عرض الأعلام الوطنية وحتى الأسطوانات الخاصة بالأغاني الرياضية التي انتشرت بشكل واسع وتضاعفت مواكبة لهذا الحدث الوطني.. حول الجزائريون كعادتهم هذه المناسبة إلى فرصة للفرح والتعبير عن حبهم الكبير للوطن، فلقد تحوّلت ليالي سكان العاصمة مثلا إلى احتفالية مفتوحة إلى ساعات متأخرة من الليل، فرغم البرودة الشديدة، إلا أن العديد من الشباب أضاؤوا الشوارع والأحياء الشعبية بنور المفرقعات التي لم تتوقف منذ بداية العد التنازلي للمقابلة الفاصلة، فحتى تجارة المفرقعات والألعاب النارية وجدت هي الأخرى صداها وسط الجزائريين، فحسبهم الاحتفال بهذا الموعد الهام المميز لا تكتمل نكهته إلا بنور المفرقعات تحت وقع الأغاني الرياضية، وبالتالي فإنهم يستعدون لاحتفالات كبرى أجمل بكثير من احتفالات 2008، فالتأهل حسبهم له طعم مميز هذا العام لأنه سينطلق بإذن الله من أرض الجزائر.. فهذه الأجواء المميزة، أنست الآلاف من العائلات الجزائرية التي تعيش تحت الخط الأحمر واقعهم المر، بحيث وجهوا اهتمامهم إلى المناسبة الآنية واغتنام فرصة الفرح وإسكات ألم انتظار السكن بفرح التأهل..