هري وليد تشهد مدينة عنابة توافدا غير مسبوقا للرعايا السوريين الذين اختاروا الجزائر ملجأ لهم، بعد أن ضاقت بهم سبل العيش في بلادهم نتيجة الحرب الطاحنة التي تدور رحاها بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة، والتي أسفرت عن تدمير البلاد وسقوط مئات القتلى من المدنيين. لكن طول إقامتهم في الجزائر وعدم وجود بحوزتهم المال الكافي لضمان مكان للإقامة فيه وشراء ما يلزمهم من أكل وشرب، دفعهم إلى التسول وطلب المساعدة من الجزائريين. وبحكم قرب عنابة من الحدود التونسية رأى فيها السوريون القادمون من تونس مكانا مناسبا لإقامتهم، وهو ما كان سببا في تواجد عدد كبير منهم في المدينة، التي أصبحت مداخل مساجدها مكانا مفضلا للاجئين السوريين للتسول وطلب الصدقات لسد حاجاتهم وخصوصا حاجات أبنائهم الذين لا يتحملون حرارة الصيف. ويلعب هؤلاء اللاجئون على وتر الأحاسيس والعاطفة لدى المصلين للحصول على الصدقات، حيث يعرضون جوازات سفرهم كدليل على جنسيتهم السورية كما تستعمل النساء خلال تسولهن اللهجة الشامية بالقول «مي شان الله ساعدوا أختكم السورية«، ويتحججون بأزمة وطنهم ومعاناتهم في إيجاد مكان للمبيت والأكل، وهاته الكلمات التي يقولونها تلقى تعاطفا كبيرا من المصلين الذين يقدمون لهم الصدقات كل حسب قدرته وذلك بهدف التخفيف عليهم ومساعدتهم، وهناك من يحاول أن يخفف عليهم هول مصيبتهم بتذكيرهم بما عانته الجزائر في سنوات التسعينيات، ويطمئنهم بأن بلادهم ستعود كما كانت، في حين طالب البعض الآخر من المصلين الجهات الوصية بالتكفل بهذه العائلات وإيجاد حل لهم عوض تركهم مرميين في الشوارع، لأن وضعهم إن استمر على هذا الحال سيتحول إلى أزمة، حسب قولهم. ويقدر عدد السوريين الذين دخلوا الجزائر خلال الأسابيع الأربعة الماضية ب12 ألف شخص حسب وزارتي الداخلية والخارجية.