أكد المتدخلون في الملتقى الدولي حول "الاستعمار والحركات التحررية في القارة الإفريقية" أن الاستعمار فرض حدودا تتماشى مع أطماعه التوسعية ومصالحه التجارية، دون اعتبار للمجتمعات التي تعيش في حدودها، حيث أوضح الجامعي الإيفواري صوحي بليسون فلوران أن "17 بالمئة من الحدود في المستعمرات القديمة عبر العالم فرضتها فرنسا". بعد مناقشة مسألة الرقيق وأثر الاستعمار على القارة الإفريقية في الجلسة الصباحية لليوم الثاني للملتقى الدولي حول "الاستعمار والحركات التحررية في إفريقيا" الذي ينظمه المركز الوطني للبحوث في ما قبل التاريخ والأنثروبولوجية في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني شكل موضوع التوغل الاستعماري ورسم الحدود محور الجلسة المسائية حيث عرف مجموعة من المداخلات التي قدمت أطروحات مختلفة حول الإشكالية الحدودية في إفريقيا. وفي مداخلة بعنوان "حدود وقضايا الانتجاع: حالة القبائل الجزائريةالتونسية تحت الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر"، أكد المؤرخ التونسي لزهر مجيري أن رسم الحدود إبان الاستعمار كان يمليه "المنطق الأمني" للمستعمر. وفيما أوضح أستاذ جامعة "المندوبة" بتونس أن "الرسم الحدودي الجديد الذي فرض على وصايتي مدينتي الجزائروتونس قد اقتبس من ذلك الذي أعد للمدن الفرنسية قبل تطبيقه على المستعمرات" أكد بالمقابل أن كل من بايات تونس ودايات الجزائر قد توصلا إلى "حل بالتراضي" بخصوص هذه القضية الشائكة عامي 1628 و1641. من جهة أخرى أشار المؤرخ التونسي إلى أن "قبائل منطقة جنوب غرب تونسوجنوب شرق الجزائر كانت تعيش منذ زمن بعيد في وسط جو مفعم بالإخوة والمودة". من جانبها استعرضت الأستاذة الجامعية الزامبية جوليا والس دراسة أنجزتها حول أول رسم للحدود بمنطقة زوفالد بجنوب إفريقيا حيث أوضحت انه وضع عقب قدوم أول المستعمرين الألمان سنة 1652 فيما كان السكان الأصليين والمستعمرين يتعايشون في الأيام الأولى لقدومهم قبل أن تظهر أولى الصراعات حول تسيير واد "فيش". وأشارت جوليا والس إلى أن "النزاعات نشبت بسبب رغبة المعمرين في مراقبة الأراضي والمراعي"وأكدت جوليا والس أن قدوم البريطانيين لم يخالف الممارسات التي بادر بها المعمرون الألمان ويتعلق الأمر بمصادرة الأراضي وتكريس العبودية مع إدراج الكنيسة لدى الأهالي وبعد ذلك شبّت عدة نزاعات مسلّحة بين المعمرين والأهالي بين سنتي 1771 و1800 قبل وضع "اتفاق كات ريفر" لرسم الحدود. من جهته قدم الجامعي الإيفواري صوحي بليسون فلوران الباحث بجامعة أبيجان مداخلة بعنوان "التبادلات خلال الفترة ما قبل الاستعمار في إفريقيا السوداء واستراتيجيات التوغل الاقتصادي الاستعماري: حالة تحويل المسارات التجارية التقليدية للغرب الغابي الإيفواري". حيث يرى الباحث أن موضوع الحدود لا يزال "ساخنا" في البلدان التي استعمرت في السابق، وسجل يقول "يتعلق الأمر بحدود مفروضة على مجتمعات موجودة تحت الهيمنة" مضيفا أن "17 بالمئة من الحدود في المستعمرات القديمة عبر العالم فرضتها فرنسا".