أكد قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا »أفريكوم«، الجنرال كارتر هام أن حل الأزمة في شمال مالي ليس عسكريا فحسب وإنما سياسي أيضا، وأثنى المسؤول العسكري الأمريكي على الجهد الدولي الذي يبذل من أجل التمكين لحل سلمي تفاوضي في المنطقة، وهو الموقف ذاته الذي تدافع عنه الجزائر ويؤيده أيضا مجلس الأمن الدولي الذي رفض ثلاثة مرات متتالية التفويض للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا »إيكواس« لإرسال قوة عسكرية إلى شمال مالي. تسير واشنطن على نقيض السياسة الفرنسية في التعامل مع الأزمة في شمال مالي، هذا على الأقل ما قد يفهم من التصريحات التي أدلى بها قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا »أفريكوم« الجنرال كارتر هام أول أمس الاثنين في العاصمة البوركينابية واغادوغو، على هامش اللقاء الذي جمعه برئيس بوركينافاسو ووسيط المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا )إيكواس( في الأزمة المالية، بليز كومباوري، حيث أكد أن حل الأزمة في شمال مالي، الذي تحتله جماعات مسلحة، ليس فقط عسكريا ولكن أيضا سياسيا، وأضاف: »وجهة نظري هي أن الأمر لا يتعلق بإيجاد حل عسكري فقط في شمال مالي«، واستطرد الجنرال الأمريكي في نفس السياق قائلا: » إذا كانت هذه المجموعة )إيكواس( تعتبر أن هناك دورا عسكريا يجب أن يحصل لحل الأزمة في شمال مالي فان هذا الدور يجب أن يكون مرفقا أيضا بدور سياسي«، ولاحظ من جهة أخرى بأن »التحديات على مستوى مالي يجب أن تحل أولا على الصعيد السياسي مع الأخذ بالاعتبار الطابع الإنساني«، مشيرا إلى الجهود الدولية »من اجل إيجاد حل سلمى )...( عن طريق التفاوض في مالي«. وبدا الموقف الأمريكي الذي ترجمته تصريحات قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا »أفريكوم« قريبا جدا من المواقف المعروفة للدبلوماسية الجزائرية، والتي طالما عبرت عنها الجزائر عبر وزير الخارجية مراد مدلسي ومن خلال تصريحات ومداخلات الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، فالمطالبة بالتمكين للحل السلمي التفاوضي، وإعطاء المزيد من الفرص للحوار بين مختلف الأطراف التي تشكل فسيفساء الأزمة في مالي، بإمكانه تجنيب هذا البلد فصول أخرى من الاقتتال، علما أن الجزائر ترى بعين الريبة إلى الضغط الذي تمارسه خصوصا فرنسا، وإلى التحركات التي تقوم بها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لإرسال قوات عسكرية مقاتلة إلى شمال مالي، تكون مهمتها مواجهة المتمردين والتنظيمات الجهادية ميدانيا، فيما تقتصر مهمة الدول الكبرى على غرار فرنسا في تقديم دعم جوي وآخر لوجستي واستخباراتي للقوات العاملة على الأرض، وقد أعلنت »إيكواس« أنها مستعدة لإرسال قوة تضم 3300 رجل إلى مالي لمساعدة الجيش المالي في توفير الأمن للهيئات الانتقالية في الجنوب و استعادة الشمال الذي تسيطر عليه جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وتقدمت ثلاثة مرات متتالية بطلب الترخيص لهذه العملية من قبل مجلس الأمن الذي كان رده بالرفض، أو بالأحرى التحفظ إلى غاية تشكيل حكومة وفاق وطني في مالي يمكنها أن تتكفل بنفسها بطلب أي مساعدة دولية لاسترجاع شمال البلاد من المتمردين. وكان قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا »أفريكوم« قد انتقد في لقاء مع صحافيين في السنغال، الجهود السابقة للتصدي لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ووصفها بأنها غير فعالة، وأضاف هام »نحن، المجتمع الدولي والحكومة المالية، ضيعنا فرصة للتعامل مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي عندما كان ضعيفا، والآن أصبح الموقف أصعب كثيرا وسيتطلب الكثير من الجهد من المجتمع الدولي وبالتأكيد من الحكومة المالية الجديدة«، مؤكدا من جهة ثانية بأن العلاقات بين الجماعات الإسلامية المختلفة في شمال مالي معقدة وأنه لم يتضح إذا كانت هذه الجماعات متحالفة على أساس عقائدي أم على أسس نفعية بحتة. للإشارة تتزامن تصريحات الجنرال كارتر هام مع عودة الحركية إلى الساحة السياسية في مالي، وهذا بعدما جدد الرئيس ديونكوندا ثقته في الوزير الأول الشيخ موديبو ديارا وذلك بالرغم من دعوات العديد من الأحزاب السياسية المطالبة بإقالته ل »افتقاره للكفاءة والمهنية والحس الاستراتيجي« وعجزه عن إيجاد حل لازمة شمال البلاد الخاضع منذ حوالي 5 أشهر لسيطرة الجماعات المسلحة عدد منها ينتمي إلى تنظيم القاعدة، وطالب ديونكوندا ديارا بتقديم اقتراحات إليه لتشكيل حكومة وحدة وطنية حسب بيان أصدرته الرئاسة المالية، وأمهل رئيس مالي المؤقت ديوكوندا تراوري رئيس وزرائه 72 ساعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تحت ضغوط المجتمع الدولي و المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا )إيكواس(، وصدر القرار الرئاسي بعد مشاورات أجراها الرئيس مع ما يسمى بالقوى الحية في البلاد وفي مقدمها الأحزاب السياسية والمجلس العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس أمادو توماني توري في 22 مارس الماضي ثم عاد وسلم السلطة بعد أسبوعين إلى نظام مدني انتقالي.